حرية الصحافة وحرية التعبير من المبادئ التي تحظى باحترام كبير في كوستاريكا، علماً أن هذه الأخيرة تشكل استثناء في منطقة أمريكا اللاتينية، التي ينخرها الفساد وانعدام الأمن والعنف ضد الصحافة بشكل يومي.
المشهد الإعلامي
يزخر المشهد الإعلامي الكوستاريكي بتنوع كبير، حيث تغطي العديد من وسائل الإعلام الأحداث الوطنية على نطاق واسع (دياريو إكسترا، لا ناسيون، كنال 24). وبدورها، تتسم الصحف الإقليمية والمحلية بالتنوع، إذ منها ما هو تجاري ومنها ما هو حكومي ومنها ما هو ثقافي ومنها ما هو ديني، بل وهناك منابر إعلامية مختصة في الشأن الجامعي... ذلك أن الصحفيين يمكنهم ممارسة عملهم دون عوائق، حيث ينظم المهنة إطار قانوني متين يحترم حرية التعبير.
السياق السياسي
كما أشار وفد من مراقبي منظمة الدول الأمريكية خلال الانتخابات الأخيرة، "تتمتع كوستاريكا بنظام انتخابي قوي يوحي بالثقة في مختلف الفاعلين المعنيين". ذلك أن نظام توزيع السلطات في البلاد يحظى باحترام كبير، إذ لا يوجد حزب مهيمن على الساحة بشكل مطلق، مما يحافظ على ثقافة الحوار بين مختلف الفاعلين خلال المناقشات التشريعية. وإذا كانت الدولة لا تتدخل عادة في عمل الصحافة، فإن الصحفيين يواجهون أحياناً صعوبات في الوصول إلى المعلومات العامة.
الإطار القانوني
ينص دستور كوستاريكا على أنه لا يجوز مضايقة أو اضطهاد أي فرد بسبب التعبير عن آرائه، وأن لكل فرد الحق في التعبير عن آرائه ونشرها دون رقابة مسبقة. كما وقعت البلاد على الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان التي تنص في المادة 13 على "حق كل فرد في حرية الفكر والتعبير، ولا يمكن تقييد حرية التعبير بأي وسيلة كيفما كانت". هذا ولا يوجد أي نص تشريعي ضد الأخبار الكاذبة، حيث راهنت الدولة على التعليم والتربية وتثقيف الناس لمواجهة هذه المعضلة.
السياق الاقتصادي
تمكنت كوستاريكا من تحسين وضعها الاقتصادي بعد الصدمة الناجمة عن جائحة كوفيد-19، علماً أن من أهم مصادر دخل البلاد تصدير المعدات الطبية والدقيقة، إلى جانب صناعة الأغذية والأدوية وتصنيع المنتجات الكهربائية والإلكترونية وصناعة المعادن وإنتاج البلاستيك. ونظراً للعجز الكبير في الميزانية، لجأت الحكومة إلى سياسة التقشف في مختلف القطاعات، بما في ذلك الإعلانات، مما أثر سلباً على العديد من وسائل الإعلام.
السياق الاجتماعي والثقافي
يضع الناس ثقة كبيرة في وسائل الإعلام الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي، علماً أن التلفزيون يظل هو مصدر الأنباء الرئيسي في البلاد، متقدماً على المحادثات الشخصية مع العائلة والأصدقاء ومنصات التواصل الاجتماعي والراديو والصحافة المكتوبة. هذا ويتعرض الفاعلون الإعلاميون للترهيب من حين لآخر، وخاصة من قبل المتظاهرين عند تغطية الاحتجاجات.
الأمن
لا يواجه الفاعلون الإعلاميون اليوم في كوستاريكا أي مضايقات أو تهديدات أو اعتقالات أو احتجازات من السلطات، التي لا تمارس التجسس والتنصت على الصحفيين. وإذا كان هناك سياسيون ينتقدون الصحافة بنوع من العدوانية، فإن هذه الحالات تظل استثنائية، علماً أن تشريعات الدولة تحمي الصحافة، بقدر ما يضمن المجلس الدستوري حماية سرية المصادر وسرية المهنة.