تحسن الوضع الإعلامي في زيمبابوي بشكل طفيف منذ سقوط الديكتاتور روبرت موغابي في عام 2018، حيث سُجلت طفرة نوعية على مستوى الوصول إلى المعلومات، بينما تضاءلت الرقابة الذاتية. بيد أن وتيرة قمع الصحافة تفاقمت بشكل ملحوظ منذ إعادة انتخاب الرئيس إيمرسون منانجاجوا عام 2023.
المشهد الإعلامي
على نحو متزايد ومشجع، بات المشهد الإعلامي في زيمبابوي يتسم بنوع من التعددية، رغم استمرار هيمنة الدولة على وسائل الإعلام، وتعتبر الشركتان الوطنيتان، هيئة الإذاعة والتلفزيون في زيمبابوي (ZBC) ووزيمبيبر (Zimpapers)، أهم وسائل الإعلام، حيث توجد ست محطات إذاعية وقناة تلفزيونية وعشر صحف من بينها صحيفة الهيرالد اليومية. كما تحظى يومية ديلي نيوز وأسبوعية فينانشل غازيت الخاصتين بحصة كبيرة من القراء. من جهتها، تنشر مجموعة ألفا ميديا هولدينغ يومية نيوزدي وأسبوعية ذي إنديبندنت، اللتين لهما شعبية واسعة أيضاً. وعلى صعيد الصحافة الإلكترونية، هناك 4 مواقع إخبارية مستقلة، من أبرزها زيملايف وذي نيوزهوكس، بالإضافة إلى 14 إذاعة مجتمعية.
السياق السياسي
منذ وصول إيمرسون منانغاغوا إلى السلطة، بات الصحفيون الزيمبابويون يعملون في مناخ سياسي أكثر هدنة، وإن كانت لا تزال هناك بعض الإغراءات التي قد تدفع السلطات بقوة إلى محاولة التأثير على الخط التحريري لوسائل الإعلام. الانتهاكات ضد الصحافة كثرت خلال الحملات الانتخابية. وخلال عام 2023، مُنع الصحفيون المحليون من تغطية العملية الانتخابية في البلاد، شأنهم في ذلك شأن الصحفيين الدوليين الذين رُفضت طلبات الاعتماد التي تقدَّموا بها. هذا وتؤثر السلطات أيضاً على اختيار أعضاء مجلس إدارة الهيئة التنظيمية لقطاع الإعلام في زيمبابوي.
الإطار القانوني
لا تزال الصحافة تئن تحت وطأة ترسانة قانونية قمعية إلى حد كبير، حيث لا تقل التعديلات الأخيرة إجحافاً عن النصوص القديمة، علماً أن التشريعات الجديدة المنصوص عليها في قانون العقوبات وقانون أسرار الدولة وقانون الأمن السيبراني وحماية البيانات مازالت يعيق ممارسة الصحافة بحرية. وإذا كان القانون يحمي سرية المصادر من الناحية النظرية، فإنه لا يوفر ضمانات كفيلة بتنفيذ هذه الحماية على أرض الواقع. هذا ومن المنتظر أن يرى النور قريباً قانون حرية الصحافة الذي طال انتظاره. وفي يونيو/حزيران 2023، اعتمد الحزب الحاكم “مشروع قانون وطني” يهدد ممارسة الصحافة بشكل خطير، حيث يجرم أي “اعتداء على السيادة الوطنية والمصلحة القومية”.
السياق الاقتصادي
ينطوي الوضع الاقتصادي في زيمبابوي على عواقب تنعكس على وتيرة تطور الحقل الإعلامي. ذلك أن التكلفة الباهظة لإنشاء منبر إعلامي جديد من أي نوع لا تشجع المستثمرين على المغامرة، في حين أن التكاليف السنوية لقناة تلفزيونية يمكن أن تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، وهو الوضع الذي يتيح للدولة إبقاء سيطرتها على القطاع، حيث مازالت تتحكم في نحو 70٪ من مؤسسات الصحافة المطبوعة وشركات الإعلام المسموع والمرئي. وفي هذا المناخ، يبقى الصحفيون عرضة لإغراءات الرشوة، مما يقوض استقلاليتهم.
السياق الاجتماعي والثقافي
لا يزال المجتمع محافظاً في زيمبابوي، حيث تُعتبر بعض المواضيع المتعلقة بالدين أو ممارسة طوائف معينة من المحرمات، مما يدفع الصحفيين ووسائل الإعلام إلى هاوية الرقابة الذاتية.
الأمن
رغم انخفاض مستويات العنف ضد الصحفيين بشكل ملحوظ في ظل إدارة منانغاغوا، لا تزال المخاوف قائمة بشأن انعدام الأمن، حيث تبقى الرقابة الذاتية خياراً متاحاً لتجنب الاعتداءات في سياق تستخدم فيه الشرطة القوة غير المتناسبة بانتظام. ذلك أن أساليب التخويف والتهديدات والاعتداءات اللفظية ومصادرة معدات الصحفيين (خاصة على منصات التواصل الاجتماعي) لا تزال شائعة في هذا البلد، بينما تبقى حالات حبس الصحفيين أو إدانتهم نادرة جداً، باستثناء حالة الصحفي الاستقصائي هوبويل تشينونو، الذي قضى في السجن شهراً ونصف تقريباً في 2020. هذا ويظل من الشائع التجسس على الصحفيين من خلال التنصت على اتصالاتهم الهاتفية.