حرية الصحافة مكفولة في جنوب إفريقيا، حيث تنتشر ثقافة الصحافة الاستقصائية. لكن السنوات الأخيرة شهدت اعتداءات لفظية متكررة على الصحفيين، من قادة ونشطاء سياسيين على حد سواء.
المشهد الإعلامي
يتسم المشهد الإعلامي في جنوب إفريقيا بالتعددية والثبات والديناميكية، إذ لا تتوانى وسائل الإعلام عن كشف الفضائح التي تتعلق بشخصيات ذات نفوذ في البلاد. وبعد انتقال جزء كبير من المواقع الإخبارية إلى نموذج اقتصادي قائم على الدفع مقابل القراءة، مثل موقع News 24 ذائع الصيت، بات الاطلاع على مقالات في الصحافة الإلكترونية أكثر تعقيداً بالنسبة لجزء لا يُستهان به من المواطنين، الذين لا يملكون القدرة على الدفع من أجل تصفح المواد الإخبارية. هذا ولا تزال صنداي تايمز هي الصحيفة الأكثر مبيعاً في جنوب إفريقيا، بينما تحظى صحيفة ديلي مافريك المستقلة بشعبية كبيرة أيضاً علماً أن الوصول إلى محتوياتها لا يزال متاحاً بالمجان.
السياق السياسي
بفعل التوترات السياسية، قد تتعرض وسائل الإعلام لحملات التضليل أو التشهير من حين لآخر، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي. صحيح أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم يلجأ هو الآخر إلى هذا النوع من الأساليب، بيد أن حزب مقاتلي الحرية الاقتصادية المعارض يبقى هو الأكثر شراسة في هذا المضمار بلا منازع، إذ لا يتوانى قادته وأنصاره عن التحريض على العنف أو اتهام بعض الصحفيين بالعنصرية.
الإطار القانوني
حرية الصحافة مكفولة بموجب دستور 1996، لكن بعض التشريعات التي تعود إلى عهد الأبارتيد وقوانين مكافحة الإرهاب، التي أُقرت في عام 2004، تُستخدم للحيلولة دون تطرق وسائل الإعلام إلى مؤسسات تُمثل "المصلحة الوطنية". ومع ظهور أزمة كوفيد-19، أُدرج قانون جديد ينص على عقوبات تصل إلى ستة أشهر سجناً لنشر أخبار كاذبة عن الوباء. وفي المقابل، أصدرت المحكمة الدستورية عام 2021 أمراً بتعديل قانون اعتراض الاتصالات من أجل حماية سرية المحادثات الهاتفية للصحفيين وصون سرية المصادر بشكل أفضل.
السياق الاقتصادي
ؤدي التكاليف المرتفعة إلى عرقلة عمل وسائل الإعلام المستقلة الصغيرة، التي انقرض العديد منها في ظل جائحة كوفيد-19، التي تسببت في أسوأ انكماش اقتصادي شهدته البلاد منذ عقود. هذا وتتمتع الحكومة بسلطة واسعة للتفضيل بين وسائل الإعلام من خلال حصة الإنفاق المخصصة من مؤسسات الدولة للإعلانات، وهو أمر عادة ما تُتهم به إدارة الرئيس رامافوزا.
السياق الاجتماعي والثقافي
يقدر المواطنون بشدة العمل الذي تقوم به وسائل الإعلام. ولعل هذا التقدير راجع للدور المهم الذي لعبه الصحفيون في كشف النقاب عن انتهاكات نظام الفصل العنصري، وأيضاً للاهتمام العالي بالسياسة والجريمة وقضايا العدالة والشؤون الاجتماعية في المجتمع الجنوب إفريقي. ومع ذلك، فإنه لا يزال من الصعب تغطية بعض القضايا، في حين يُمنع الصحفيون مراراً من القيام بعملهم عند تسليطهم الضوء على المظاهرات.
الأمن
نادراً ما يتم اعتقال الصحفيين في جنوب إفريقيا، لكن الشرطة تعاني الأمرين أحياناً في سعيها لحمايتهم في بعض الحالات التي يطغى عليها العنف. أما الصحفيون الذين يفضحون الفساد المستشري، فإنهم يتعرضون للتهديد من قبل السياسيين الضالعين في تلك القضايا أو من شركائهم أو مؤيديهم. وفي هذا السياق، صعَّد الرئيس السابق جاكوب زوما وأفرد عائلته من وتيرة تهديداتهم ضد صحفي بارز في نيوز 24، والذي كشف عدداً من قضايا الفساد. كما أن عودة ظاهرة الاعتداءات اللفظية أو الجسدية على أيدي النشطاء السياسيين باتت مدعاة للقلق، شأنها في ذلك شأن التجسس على الصحفيين الاستقصائيين من قبل أجهزة المخابرات.