كانت بوركينا فاسو حتى وقت قريب أحد أبرز نماذج النجاح على صعيد حرية الصحافة في إفريقيا. لكن في ظل تفاقم انعدام الأمن وتزايد الاضطرابات السياسية على خلفية انقلاب يناير/كانون الثاني 2022 - الذي أطاح بالرئيس كابوري – أصبح الصحفيون يعملون في ظروف أمنية محفوفة بالمخاطر من جهة، بينما أضحى الوصول إلى المعلومات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.
المشهد الإعلامي
تزخر بوركينا فاسو بمشهد إعلامي ديناميكي ومهني وتعددي، تتخلله 80 صحيفة (أبرزها سيدوايا وليفينمون ولوباييه)، و185 محطة إذاعية (ـشهرها أوميغا إف إم) و32 قناة تلفزيونية (على رأسها قناة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون)، فضلاً عن 161 موقعاً إخبارياً (من أهمها فاسو.نت وبوركينا فاسو 24). كما أن ثقافة الصحافة الاستقصائية منتشرة على نطاق واسع، لكن تدهور الأوضاع أمنياً وسياسياً يؤجج الرقابة الذاتية ويزيد من حدة الضغط.
السياق السياسي
رغم أن بوركينا فاسو تتسم بممارسة حرة لمهنة الصحافة، إلا أن الحكومة السابقة كانت تميل إلى تفضيل مكافحة انعدام الأمن على حساب ضمان حرية الإعلام. ففي مايو/أيار 2021، طردت السلطات صحفياً فرنسياً ومُخرجاً بلجيكياً، رغم أنهما كانا مُعتمدين بشكل قانوني، حيث بررت ذلك الإجراء بحجة واهية مفادها أن عملهما يشكل "تهديداً لأمن الدولة". كما سُجل انقطاع في اتصالات الإنترنت خلال انقلاب يناير/كانون الثاني 2022،.
الإطار القانوني
يكفل دستور 1991 حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات، كما أن التشهير لم يعد يُعاقَب عليه بالسجن. ومع ذلك، فإن هذه الجنحة تظل تنطوي على غرامات باهظة يمكن أن تؤدي إلى الإغلاق التام لوسائل الإعلام المعنية. ونتيجة تدهور الوضع الأمني، تم في 2019 تعديل قانون العقوبات، الذي أصبح يجرم نشر أي معلومات عن العمليات العسكرية حرصاً على "عدم تقويض معنويات الجيش"، علماً أنه ينص على عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامات باهظة.
السياق الاقتصادي
تعمل وسائل الإعلام البوركينابية في سياق تطغى عليه الظروف المزرية، حيث يبقى عدد القراء منخفضاً بينما تظل موارد الإعلانات ضعيفة. وقد تفاقمت هذه الصعوبات بسبب الأزمة الصحية المترتبة عن جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى انخفاض كبير في إيرادات التوزيع والإعلانات.
السياق الاجتماعي والثقافي
يظل الدين هو الموضوع الأكثر حساسية في بوركينا فاسو، حيث تقوم جماعات دينية نشطة للغاية بمراقبة النقاش العام وممارسة الضغط على من يتطرق إلى المسائل الدينية، مما يشكل تهديداً لحرية التعبير من جهة، ويؤدي إلى الرقابة الذاتية من جهة ثانية.
الأمن
تدهورت سلامة الصحفيين بشكل كبير في بوركينا فاسو في السنوات الأخيرة. ففي أبريل/نيسان 2021، ولأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً، شهد هذا البلد مقتل صحفيين، كلاهما من الجنسية الإسبانية، وذلك أثناء قيامهما بتغطية صحفية في شرق البلاد. وبشكل عام، يصعب الوصول إلى المناطق المصنفة على أنها خطرة. ومنذ أواخر 2020، لا يُسمح للصحفيين بدخول مواقع استقبال النازحين داخلياً، بحجة عدم القدرة على ضمان سلامتهم. هذا ويتعرض الفاعلون الإعلاميون أحياناً للتهديد والاعتداء أثناء المظاهرات.