حرية الصحافة مكفولة بموجب الدستور، ولكن هذا الحق يتم انتهاكه بانتظام من قبل السلطات أو الجهات السياسية الفاعلة. ويقع الصحفيون ووسائل الإعلام الذين يحققون في الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، أو الذين يعبرون عن رأي نقدي، ضحية حملات المضايقة والإجراءات الجنائية.
المشهد الإعلامي
يتسم المشهد الإعلامي الغواتيمالي بتنوع كبير، تتخلله العديد من المنابر الخاصة والبديلة، متقدمة على نظيرتها العامة. ورغم أن إنشاء أو تشغيل وسيلة إعلامية لا يواجه أي عقبات، إلا أن غياب هيئة تنظيمية مخصصة للإذاعات المجتمعية عادة ما يوفر للسلطات ذريعة مثالية لاعتبارها غير قانونية ومن ثم الحكم عليها بالإغلاق. هاذا وقد شجعت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في السنوات القليلة الماضية على إنشاء منابر استقصائية مستقلة على الإنترنت ومنصات إخبارية أخرى. وفي ظل الاضطهاد السياسي والاقتصادي للصحافة المستقلة، انتقلت جل وسائل الإعلام المطبوعة الرئيسية في البلاد إلى المجال الرقمي الذي وجدت فيه متنفساً مناسباً.
السياق السياسي
تمر غواتيمالا بأزمة اجتماعية وسياسية منذ أكثر من 2016، مما أدى إلى زيادة وتيرة الهجمات ضد الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة وخلق مشكلاً حقيقياً على مستوى تكميم الصحافة. وبسبب تحقيقاتهم في قضايا الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والممارسات غير المشروعة من قبل الشركات الخاصة، أصبح الفاعلون الإعلاميون عُرضة لشتى أنواع الهجمات.
الإطار القانوني
حرية التعبير مكفولة بموجب الدستور و"قانون بث الأفكار"، الذي ينطوي على قيمة دستورية. وفي عام 2008، مرر البرلمان قانون الوصول إلى المعلومات العامة من أجل تسهيل استخدامها إعلامياً، لكن السلطات تنتهك هذا الحق مراراً وتكراراً. كما شهدت السنوات الأخيرة عدة محاولات لتجريم انتقاد الدولة على الإنترنت، لكن هذه القوانين لم تتم مناقشتها في البرلمان بعد. وفي الوقت نفسه، تزايدت وتيرة الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الصحفيين بقدر ما تفاقمت الرقابة المفروضة عليهم. وبينما تم حبس ثلاثة فاعلين إعلاميين فقط حتى الآن، لا تزال هناك مخاوف من أن ترتفع هذه الحصيلة في المستقبل، بالنظر إلى استراتيجيات الضغط القضائي الممارَسة في البلاد.
السياق الاقتصادي
في ظل الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد، وما صاحبه من انخفاض في عائدات الإعلانات، أُجبرت العديد من وسائل الإعلام على تقليص عدد موظفيها والتوجه أكثر نحو المحتوى الإلكتروني، علماً أن بعضها قررت وضع مقالات ومواد صحفية مدفوعة الثمن. هذا وقد جاء الوباء ليزيد الأمور سوءاً، حيث توقفت جريدة لاهويا عن نشر النسخة الورقية، لتقتصر نهائياً على النسخة الرقمية. هذا ويقبع مؤسس صحيفة إل بيريوديكو اليومية، خوسيه روبين زامورا، في السجن منذ منتصف عام 2022، بينما تتعرض جريدته لكافة أنواع الضغوط الاقتصادية والدعاوى القضائية التعسفية بعد كشفها عن قضايا فساد في دوائر الحكومة.
السياق الاجتماعي والثقافي
رغم الخطاب العدائي الذي تنتهجه السلطات تجاه الصحافة، فإن الصحفيين مازالوا يحظون بثقة كبيرة في أوساط المواطنين، خاصة عندما يبذلون جهوداً حثيثة لإنجاز تحقيقاتهم. ومع ذلك، فقد تراجعت مصداقية بعض وسائل الإعلام والمراسلين بسبب تقاربهم مع الحكومة أو خطهم التحريري فيما يتعلق بقضايا حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان بشكل أعم. هذا وتُفرض قييود على التغطية الصحفية بشكل متزايد، لا سيما في بعض الأماكن العامة التي يُمنع الصحفيون الناقدون من دخولها.
الأمن
تدهور الوضع على مستوى سلامة الصحفيين في غواتيمالا خلال السنوات الأخيرة، حيث أعربت حكومة أريفالو عن التزامها بوضع سياسة عامة لحماية الصحفيين. ذلك أنهم يتعرضون بانتظام لشتى أنواع الانتهاكات، من حملات تشهير ومضايقات من الشرطة واعتداءات لفظية وجسدية، علماً أن العديد من الصحفيين اختاروا العيش في المنفى، خوفًا على حياتهم أو على أسرهم. كما تطالهم شتى أنواع الإجراءات التعسفية، كما هو حال مؤسس صحيفة إل بيريوديكو اليومية، خوسيه روبين زامورا. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألغت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي الصادر بحقه والقاضي بحبسه لمدة ست سنوات بسبب مخالفات إجرائية، لكنه لا يزال قابعاً في السجن بانتظار محاكمة جديدة.