أصبحت قيرغيزستان تشهد تزايداً ملحوظاً في الضغوط الممارسة وسائل الإعلام بعدما كانت تُعتبر استثناء في آسيا الوسطى، حيث تزخر بحرية نسبية في التعبير والصحافة، رغم الاقتصاد غير المستقر والفساد المتفشي في أوساط السلطات العامة..
المشهد الإعلامي
لا تزال السلطات تتحكم في وسائل الإعلام التقليدية الرئيسية، محاولة في الوقت ذاته بسط نفوذها على وسائل الإعلام الخاصة. لكن قيرغيزستان يزخر بتعددية نسبية، حيث توجد مواقع إخبارية مستقلة ذات شعبية واسعة، مثل موقع 24 للأخبار وكاكتوس ميديا وكلوب، علماً أن البلاد تشهد أيضاً تطوراً ملحوظاً على مستوى الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات، وإن أصبحت وسائل الإعلام عموماً تعيش حالة حرجة بعض الشيء في ظل الضغوط التي تطالها مؤخراً. هذا وتظل الإذاعة والتلفزيون المصدرين الرئيسيين للأخبار بالنسبة للمواطنين.
السياق السياسي
في ظل سياق سياسي يطغى عليه الاستقطاب الشديد وعدم الاستقرار، شهدت قيرغيزستان ثلاث ثورات منذ استقلالها في عام 1991، حيث يستخدم السياسيون بعض وسائل الإعلام لخدمة مآربهم الشخصية، بينما لا تزال المؤسسات العامة تقيد وصول الصحفيين إلى المعلومات، من خلال حظر بعض المواقع بشكل تعسفي، مثل موقع كلوب، بينما تطال المداهمات والملاحقات القضائية بناءً على تهم باطلة عدداً من وسائل الإعلام والصحفيين، خاصة أولئك الذين ينشرون تحقيقات تتعلق بدوائر السلطة.
الإطار القانوني
في السنوات الأخيرة، اتجهت السلطات إلى تعزيز الرقابة وإصدار قوانين تقيد حرية الصحافة. فقد صادق الرئيس صدير جاباروف على قانون يتعلق الوقاية من "المعلومات الكاذبة"، وهو قانون يتعارض مع الدستور والمعاهدات الدولية. كما تتم مناقشة مشروع قانون الإعلام، الذي ينص على عقوبات غير متناسبة ويتضمن شروطاً غامضة حول إعادة التسجيل، مما يهدد بفرض مزيد من القيود على حرية الصحافة.
السياق الاقتصادي
يقوض الدعم الحكومي الهائل للمنابر الموالية للحكومة روح المنافسة بين وسائل الإعلام، بينما ترفض الشركات الكبرى وضع إعلاناتها في وسائل الإعلام المستقلة، تحت ضغط من السلطات، التي تتأهب لإدخال مفهوم "العميل الأجنبي"، على غرار ما فعلته نظيرتها في روسيا، وهو ما يستهدف وسائل الإعلام المستقلة، التي تتلقى جزءاً من تمويلها من مصادر أجنبية.
السياق الاجتماعي والثقافي
نظراً لارتفاع معدلات الفساد في البلاد، فإن التحقيقات في هذا الموضوع تحظى بالتقدير والإشادة في بعض الدوائر، بقدر ما تلقى اهتماماً متزايداً في أوساط المواطنين. لكن الدعاية الحكومية، التي تصور وسائل الإعلام المستقلة بشكل سلبي على أنها "أعداء الشعب" و"عبيد الغرب"، تقنع جزءاً كبيراً من المجتمع.
الأمن
تتعرض وسائل الإعلام المستقلة لموجة جديدة من الضغوط و/أو التهديدات: ففي 16 يناير/كانون الثاني 2024، ألقت الشرطة القبض في غضون ساعات قليلة على 11 صحفياً كانوا يعملون أو سبق لهم أن عملوا في القناة الاستقصائية المملوكة للصحفي بولوت تيميروف، الذي تم طرده بشكل غير قانوني من بلاده عام 2022. كما تصدر بانتظام أحكام قضائية في حق المواقع الإخبارية المستقلة التي تنتقد السلطات، حيث تكون أغلب الدعاوى بتهمة التشهير. كما تطالها أحياناً هجمات إلكترونية على خلفية مقالات حول الفساد. أما الصحفيون الاستقصائيون، فإنهم يتعرضون للعنف، شأنهم في ذلك شأن المراسلين الذين كانوا يغطون المظاهرات قبل منعها في العاصمة خلال شهر مارس/آذار 2022.