منذ توليه السلطة في 2013، يواصل نيكولاس مادورو سياسة "الهيمنة التواصلية" التي أرسى أسسها سلفه هوغو شافيز، حيث تعيش فنزويلا في مناخ يسوده تقييد الأخبار، علماً أن السلطات تتخذ إجراءات تهدد ممارسة الصحافة المستقلة.
المشهد الإعلامي
بعد وصول نيكولاس مادورو إلى السلطة، تفاقمت الإجراءات الحكومية ضد التعددية الإعلامية، حيث شددت الجهات الرسمية احتكارها للواردات الورقية ومستلزمات الطباعة، مما أدى إلى توقف النشر الورقي لمئات الصحف في مختلف أنحاء البلاد. كما أن الدولة تعتمد سياسة يلفها الغموض في منح وإلغاء رخص البث، مما أتاح للحكومة إغلاق 200 محطة إذاعية بالتمام والكمال. وعلاوة على ذلك، تعمد الحكومة الفنزويلية إلى حجب المحتوى الإخباري على الإنترنت، مما يؤثر سلباً على عمل المواقع الإلكترونية المستقلة. هذا وتُعد كل من راديو في إي أليغريا و إيفيكتو كوكويو ورونرونيس وأونيون راديو وإل إستيمولو وإل بيتازو وإل دياريو وسائل الإعلام المستقلة الرائدة في البلاد.
السياق السياسي
تتحكم السلطة التنفيذية تحكماً قوياً في السلطتين القضائية والتشريعية في فنزويلا، وهو ما نتج عنه نظام مؤسسي متذبذب. وفي هذا السياق، ورغم التفكك والتشرذم الذي أصاب قوى المعارضة المؤيدة للديمقراطية، إلا أن ماريا كورينا ماتشادو أصبحت تحمل مشعل القيادة في هذا التيار التقدُّمي في أواخر عام 2023، بعد فوزها في الانتخابات التمهيدية للمعارضة، قبل أن يُسحَب البساط من تحت قدميها بموجب قرار أصدرته المحكمة العليا في يناير/كانون الثاني 2024 ويقضي بعدم أهليتها لمدة 15 عاماً، فيما ترشح نيكولاس مادورو لولاية ثالثة. هذا ولا تتوانى وسائل الإعلام الحكومية والمتحدثون الرسميون عن التقليل من شأن الصحفيين المستقلين وملاحقتهم، بل وحتى تهديدهم علناً بسبب تقاريرهم وأعمالهم الاستقصائية.
الإطار القانوني
تكرس المادة 58 من الدستور حرية التعبير، لكن دون أن تكون هناك سياسة واضحة تحميها وتصونها. وفي هذا السياق، شهدت الآونة الأخيرة اتخاذ تدابير شديدة القسوة، مثل "قانون مكافحة الكراهية" الذي مرره المجلس الوطني التأسيسي الخاضع لسيطرة نظام مادورو، الذي استولى بشكل غير قانوني على السلطات التشريعية في البلاد. فبموجب أحكام هذا القانون، فُرضت عقوبات على ما لا يقل عن 80 فنزويلياً، من بينهم سبعة عشر صحفياً ومنبراً إعلامياً، وذلك لانتقادهم شخصيات نافذة في البلاد، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي.
السياق الاقتصادي
بين عامي 2015 و2020، انهار اقتصاد البلاد تحت تأثير التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته، وأيضاً في ظل أسوأ انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي. فمنذ عام 2021، أظهرت مؤشرات الاقتصاد الكلي بعض علامات التحسن، لكن تلك المؤشرات تختلف باختلاف المناطق والقطاعات. وفي عام 2023، تم تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع النفط، مما ساعد على إنعاش الاقتصاد بعض الشيء. وقد تسببت الأزمة الاقتصادية في انخفاض حاد في توزيع إعلانات الدولة، التي يطغى الغموض والتعسف على معايير منحها، مما يصب في مصلحة وسائل الإعلام المقربة من الحكومة. فللحصول على مداخيل الإعلانات، تجد وسائل الإعلام نفسها مضطرة لمحاباة الحكومة ونشر دعايتها دون اعتراض.
السياق الاجتماعي والثقافي
يمر المجتمع الفنزويلي بأزمة شاملة أدت إلى تدهور الظروف المعيشية للمواطنين. وأمام هذه الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ 5 سنوات، هاجر ملايين الفنزويليين إلى دول الجوار، حيث تشير التقديرات إلى أن رُبع مجموع السكان قد غادروا البلاد في السنوات الأخيرة، ولا سيما من الشباب في سن العمل.
الأمن
في فنزويلا، تعمل الصحافة في مناخ تطغى عليه العراقيل والتدابير التقييدية، حيث من الشائع أن يتعرض الصحفيون للضرب أو التهديد أثناء قيامهم بعملهم في الفترات الانتخابية أو في خضم الصراعات السياسية. ومادام مكتب المدعي العام وديوان المظالم تحت سيطرة مادورو، فليس باستطاعة أي منهما المساعدة على ضمان سلامة الفاعلين الإعلاميين، إذ نادراً ما يُفتح تحقيق في الاعتداءات الجسدية أو اللفظية التي تطالهم.