إذا كانت حرية الصحافة مكفولة بموجب دستور 2010، فإنها ما زالت لا تحظى بالاحترام الواجب، حيث يتوقف وضع الإعلام بشكل كبير على السياق السياسي والبيئة الاقتصادية.
المشهد الإعلامي
يُعتبر المشهد السمعي البصري الكيني غنياً وتعددياً، حيث يزخر بأكثر من 100 محطة إذاعية وما يقرب من 50 قناة تلفزيونية، علماً أن مجموعة رويال ميديا سيرفيسز تهيمن على السوق من خلال ملكيتها لما لا يقل عن 14 محطة إذاعية وثلاث قنوات تلفزيونية، أشهرها سيتيزن تي في. أما قطاع الصحافة، فهو أقل تطوراً بكثير، حيث تسيطر صحيفتان يوميتان عامتان على السوق، علماً أن مجموعة نيشن ميديا تهيمن على الحقل الإخباري في كينيا وشرق إفريقيا.
السياق السياسي
تقع ملكية العديد من وسائل الإعلام في ملكية شخصيات سياسية أو جهات مقربة من السلطة، حيث بإمكان النظام التأثير في تعيين مديري المؤسسات الإعلامية وأيضاً الهيئة التنظيمية لقطاع الإعلام، التي يُفترض أنها مستقلة، علماً أنها تخضع في الواقع لسُلطة الدولة بشكل مباشر. وفي ظل هذا النفوذ القوي للسلطة السياسية في الحقل الإعلامي، أصبحت الرقابة الذاتية أمراً لا مفر منه.
الإطار القانوني
حرية الصحافة مكفولة بموجب الدستور، بيد أن هناك نحو عشرين من القوانين التي تقوض ممارسة الصحافة في كينيا. فعلى سبيل المثال، ينص قانون الجرائم الإلكترونية المعتمد في 2018 على عقوبة تصل إلى 10 سنوات سجناً وغرامة قدرها 40 ألف يورو لنشر "أخبار كاذبة" تنطوي على تحريض على العنف. هذا ولا يزال الوصول إلى المعلومات العامة صعباً للغاية رغم إصدار قانون بشأن هذا الحق.
السياق الاقتصادي
يعمل الصحفيون الكينيون في سياق اقتصادي صعب للغاية، وقد ازداد الوضع المزري تفاقماً بسبب الأزمة الصحية، التي فقد على إثرها 300 صحفي عملهم، بينما حلت الموسيقى محل نشرات الأخبار في العديد من البرامج الإذاعية، وفقاً لما أفادت به نقابة الصحفيين الكينيين. وفي المقابل، يبقى الغموض يلف عملية تخصيص المساعدات العامة لوسائل الإعلام.
السياق الاجتماعي والثقافي
لا تزال ممارسة الصحافة في البلاد تئن تحت وطأة الانتماء العرقي، الذي غالباً ما يرتبط بالمواقف السياسية، إذ من الممكن ترقية أو تهميش شخص ما داخل مؤسسة إعلامية بناءً على انتمائه لهذا العرق أو ذاك. وبينما تظل بعض المواضيع المتعلقة بالأمن الوطني أو الإرهاب أو الدين أو الاتجار بالمخدرات والأسلحة والبشر حساسة للغاية، فقد اضطر بعض الصحفيين الذين تطرقوا لها إلى طلب الحماية أحياناً.
الأمن
من شأن تغطية الفعاليات التي تنظمها المعارضة أو انتقاد الحزب الحاكم أن يكلف الصحفيين ثمناً باهظاً. وغالباً ما تشهد الفترات الانتخابية تصاعداً حاداً في الانتهاكات، حيث يتعرض الصحفيون لاعتداءات من قوات الأمن والمواطنين كما يواجهون مختلف أشكال الترهيب والتهديد من فاعلين سياسيين، ناهيك عن مصادرة مُعداتهم من قبل الشرطة، علماً أن التحقيقات في هذا الصدد تبقى شبه منعدمة ونادراً ما يترتب عنها إدانة الجناة أو حتى تقديمهم إلى العدالة.