جمهورية شمال مقدونيا

المشهد الإعلامي

يظل التلفزيون المصدر الأساسي للمعلومات في مقدونيا الشمالية، لكن وسائل الإعلام الإلكترونية تلعب هي الأخرى دوراً مهماً في المشهد الإعلامي. ومع ذلك، يجب التمييز بين وسائل الإعلام وسائل الإعلام المهنية التي توظف صحفيين وتنشر محتوى من إنتاجها، وبين المواقع الشخصية التي تنتحل صفة منصات إخبارية وتنسخ محتوى المنابر الإعلامية الحقيقية وتنشره للجمهور. وهناك أيضاً فجوة كبيرة بين نسبة الاستهلاك ودرجة الثقة: ذلك أن القنوات التلفزيونية الأكثر مشاهدة تسجل في المقابل معدلات موثوقية منخفضة.

السياق السياسي

لا تزال البيئة العامة مواتية لحرية الصحافة إلى حد ما، حيث تسمح للصحافة النقدية بالتعبير عن أطروحاتها، لكن المؤسسات تبقى بعيدة كل البعد عن الحد الأدنى من الشفافية. وفي ظل الاستقطاب السياسي الذي يطغى على المجتمع بقوة، يمكن أن تتعرض وسائل الإعلام لضغوط من السلطات والسياسيين ورجال الأعمال. وفي هذا السياق، أنشأ أكبر حزبين في البلاد، أحدهما في السلطة والآخر في المعارضة، أنظمة إعلامية موازية يمارسان عليها نفوذهما السياسي والاقتصادي، علماً أن الهيئة العامة للبث الإذاعي والتلفزي لا تتمتع بالاستقلالية لا من الناحية التحريرية ولا من الناحية المالية.

الإطار القانوني

بينما يكفل الدستور حرية التعبير ويحظر الرقابة، لا يزال هناك تأخر من مؤسسات الدولة في مواءمة التشريعات الناظمة لقطاع الإعلام مع المعايير المتعارف عليها في الاتحاد الأوروبي، الذي تنوي مقدونيا الشمالية الانضمام إليه. أما سوء استخدام أجهزة القضاء لقانون المسؤولية المدنية في قضايا التشهير، فإنه يشجع في نهاية المطاف على الرقابة الذاتية، علماً أن الدعاوى القضائية تُستخدم كأدوات لترهيب وسائل الإعلام المستقلة والضغط عليها. وعلى مستوى الإطار الأخلاقي، هناك مدونة لقواعد السلوك وهيئة للتنظيم الذاتي، حيث تشجع كلاهما الممارسات الصحفية الخلاقة، لكن هذه الأخيرة لا تُطبَّق على أرض الواقع.

السياق الاقتصادي

رغم أن القانون يحظر أنواعاً معينة من التمركز الإعلامي، إلا أن هيئات تحرير بعض المحطات التلفزيونية الكبرى تتعرض لضغوط اقتصادية من مُلاكها. وبينما يظل التمويل الحكومي محدوداً وغير شفاف، تعتمد وسائل الإعلام المستقلة بشكل كبير على المانحين. أما المساعدات المالية الأجنبية، القائمة على مشاريع محددة، فإنها فقط تساهم في بقاء المنابر الإعلامية على قيد الحياة، دون أن تتمكن من المساعدة في تنميتها. هذا وتنتشر بقوة ظاهرة استغلال النفوذ بين وكالات الإعلان والتسويق وبعض وسائل الإعلام.

السياق الاجتماعي والثقافي

رغم أن الصحافة الحرة تتطور في بيئة ثقافية واجتماعية خالية من أي قيود محددة، فإن منصات التواصل الاجتماعي وبوابات الفضاء الرقمي بشكل عام توفر أرضاً خصبة لنشر المعلومات المضللة والتهديدات السيبرانية. وإلى جانب ضعف المعايير المهنية، فإن المنصات الرقمية تساهم في تراجع ثقة الجمهور في وسائل الإعلام وتمهيد الطريق لشن الهجمات على الصحفيين، على أساس الجنس أو العرق أو الدين. 

الأمن

بينما كان عام 2021 هادئاً نسبياً، يتعرض الصحفيون للهجمات اللفظية بانتظام. وبذريعة حماية أسرار الدولة والبيانات الشخصية، قد يواجهون ضغوطاً قانونية ومحاكمات تعسفية (الدعاوى القضائية الاستراتيجية بتهمة التشهير). ومع ذلك، فإن المحاكم تميل إلى دعم حرية الصحافة وحماية الصحفيين، علماً أن هناك تعديلات قيد الإعداد من أجل توفير حماية أفضل للصحفيين.