موجة جديدة من الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة

في الوقت الذي انطلقت فيه يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أطوار محاكمة الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومعه أهم القياديين في حركة الإخوان المسلمين، مازال رجال الإعلام والصحافة في مصر يتعرضون للانتهاكات التي تطال حرياتهم المهنية. فما بين المتابعة في المحاكم العسكرية والاعتقالات التعسفية والمعاملة السيئة عند الاحتجاز، تواصل السلطات المصرية سياستها القمعية ضد العاملين في مجال الصحافة والإعلام.

وتُعتبر هذه السياسة امتداداً للممارسات التي بدأتها مختلف السلطات الحاكمة منذ عام 2011. فمع تعاقبها على الحكم منذ سقوط حسني مبارك، وسواء تعلق الأمر بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أم بالإخوان المسلمين أم بسلطات الحكم الانتقالي اليوم، تحت قيادة اللواء السيسي، لم تتوقف هذه السلطات عن استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام وعن محاولة التحكم في هذا القطاع الحيوي.

وفي هذا الإطار، تقول منظمة مراسلون بلا حدود في بيانها: إن هذه الموجة الجديدة من الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة في مصر تثير قلقنا البالغ. ولا شك أن مثول الصحفيين أمام المحاكم العسكرية يُعتبر مسّاً خطيراً بضمان الحريات الأساسية، وكذلك الشأن بالنسبة للحكم على هؤلاء بفترات سجنية، وإن كانت مع وقف التنفيذ. كما لا ننسى مواصلة هذه السلطات للاعتقالات التعسفية. لذلك، وجب وقف هذه الممارسات والإفراج عن جميع الصحفيين الذين مازالوا رهن الاحتجاز بسبب نشاطهم المهني وذلك بدون قيد أو شرط.

وقد جاءت هذه الموجة الجديدة من الانتهاكات لحرية الصحافة والإعلام لتُفنّد بعد القرارات المتخذة من قِبل اللجنة المكلفة بصياغة الدستور المصري الجديد التي صوّتت على مادة تحظر اعتقال المهنيين الإعلاميين بسبب ما ينشرونه.

.

صحفيون يمثلون أمام محاكم عسكرية

حُكِم على الصحفي حاتم أبو النور من يومية الوطن بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2013 بسنة واحدة سجناً من طرف المحكمة العسكرية في القاهرة. وكان هذا الصحفي قد تعرض للاعتقال يوم 25 أغسطس/آب 2013 بتهمة انتحاله صفة جندي خلال حوارات هاتفية مع عدة منظمة غير مرتبطة بالجيش، بهدف الحصول على معلومات في إطار تحقيقات صحفية كان يقوم بها.

أما الصحفي المستقل محمد صبري، فقد حُكم عليه يوم 3 نوفمبر/ترشين الثاني بستة أشهر مع وقف التنفيذ من طرف محكمة عسكرية في الإسماعيلية. وكان قد اعتُقل بتاريخ 4 يناير/كانون الثاني 2013 بينما كان يلتقط صوراً للمنطقة العسكرية في رفح، شمالي سيناء. وكان حينها يقوم بتحقيق صحفي بخصوص قرار القوات المسلحة حظر بيع وشراء الأراضي على المنطقة الحدودية. ومافتئت هذه المحاكمة تُؤَجل باستمرار منذ 9 يناير/كانون الثاني، بينما كان الصحفي يمثل أمام المحكمة طليق السراح.

وعلى نفس المنوال، حُكم على الصحفي أحمد أبو دراع، مراسل يومية المصري اليوم، بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول بستة أشهر مع وقف التنفيذ وبغرامة قدرها 200 جنيه مصري (حوالي 30 دولاراً) من طرف المحكمة العسكرية في الإسماعيلية. وكان هذا الصحفي قد كتب عدة مقالات عن تحركات الجيش في منطقة سيناء، قبل اعتقاله على يد قوات الأمن في مدينة العريش (شمالي سيناء)، بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول 2013، والإبقاء عليه رهن الاحتجاز في انتظار محاكمته.

.

الاعتقالات والمعاملات السيئة

تعرض الصحفي إسلام فتحي، مراسل قناة MBC مصر، للاعتقال في المنيا (245 كيلومتر جنوبي القاهرة) مساء يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول عقب مشاحنة مع ضابط شرطة منعه من التصوير بالرغم من أنه كان قد أبرز له بطاقته الصحفية. وبعد احتجازه في أحد أقسام الشرطة بالمدينة، تعرض هذا الصحفي للضرب والتعذيب لفترات متكررة على يد الضباط ورجال الأمن الحاضرين، الذين اتهموه بمساندته لحركة الإخوان المسلمين. وفي اليوم الموالي، أُفرج عنه بعد إسقاط التهم الموجهة إليه (مهاجمة ضابط شرطة)، ولكنه نُقل إلى مستشفى جامعة المنيا بسبب الإصابات التي تعرض لها.

أما الصحفي مصطفى دياب، مراسل صحيفة المدار في الإسماعيلية، فقد تعرض للاعتقال ظهيرة يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، بينما كان يغطي مظاهرة لطلاب جامعة قناة السويس، قبل أن يُفرج عنه بعد مرور 48 ساعة. وحسب المعلومات المُستقاة عن الواقعة، فقد تعرض للاعتقال بسبب تصويره للمظاهرات بدون ترخيص.

. شكايات في حق باسم يوسف تتسبب في تعليق بث برنامجه التلفزيوني

وُضع عدد من الشكايات ضد باسم يوسف، مقدم البرنامج الفكاهي البرنامج على قناة CBC، عقب العرض الذي قدمه بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول، والذي انتقد فيه على السواء الإخوان المسلمين والسلطات الجديدة، إضافة إلى استهزائه بمشاعر الحماسة المبالغ فيها تُجاه الجيش. وقد اتهمه عدد من المشاهدين بـالتحريض على الفوضى وتهديد الأمن القومي وإهانة الجيش.

وبعد أيام قليلة على ذلك، نأت قناة CBCبنفسها بعيداً عن المواقف الهزلية لهذا الصحفي، قبل أن تُقرر في النهاية تعليق البرنامج بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني قبل بث الحلقة الثانية لهذا الموسم، التي كانت مبرمجة مساء نفس اليوم. وكانت الحجة الرسمية لهذا القرار هي عدم احترام بنود العقد التي تربط الصحفي بالقناة.

وقالت منظمة مراسلون بلا حدود في بيانها: إنه لمن المؤسف جداً صدور شكايات مقدمة ضد الصحفي الهزلي باسم يوسف وتعليق برنامجه. فلا بد من الحفاظ على حرية النقد والتعبير، خصوصاً في إطار البرامج الهزلية التي يجب أن تحظى بمكانتها داخل بلاد تطمح إلى اعتناق مبادئ الديمقراطية.

Publié le
Updated on 16.04.2019