مراسلون بلا حدود تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوضع حد للاعتقالات التعسفية المنهجية ضد الصحفيين في مصر

في رسالة ادعاء إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، تندد مراسلون بلا حدود بالاعتقالات التعسفية التي تطال بشكل منهجي الصحفيين الناقدين في مصر، مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل على وجه السرعة لحث القاهرة على ضمان احترام حق الصحفيين في حرية التعبير والمحاكمة العادلة.

بينما يقبع ما لا يقل عن 29 صحفيًا وراء القضبان في مصر، تناشد مراسلون بلا حدود فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي للتنديد بالطابع المنهجي للاعتقالات التي تطال الأصوات الناقدة في هذا البلد، وذلك في انتهاك صارخ للحق في المحاكمة العادلة والحق في حرية التعبير.


ففي المراسلة الموجهة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 30 أبريل/نيسان، تطرقت مراسلون بلا حدود بالتفصيل إلى حالات 10 صحفيين، علماً أن هذه الأمثلة المختلفة ليست سوى مرآة تعكس تنوع حالات الاعتقال التعسفي في مصر، وإن كان القاسم المشترك بين جميع أولئك المحتجزين هو الزج بهم في السجن بتهم زائفة مثل "الانتماء إلى جماعة إرهابية" أو "نشر أخبار كاذبة" أو "التحريض على التظاهر". ومع ذلك، فإن ظروف اعتقالهم والاستجوابات التي خضعوا لها تثبت أن ذنبهم الوحيد هو أنهم مارسوا حقهم في حرية التعبير والإعلام، وأعربوا عن انتقادهم للسلطات المصرية.


وبالإضافة إلى إخضاع هؤلاء الصحفيين لإجراءات مجحفة، علماً أن الأمر بلغ في بعض الحالات حد الاختفاء القسري بل وحتى التعذيب، فإن إبقائهم قيد الاحتجاز التعسفي مع تفشي وباء كوفيد-19 في مصر يزيد من محنتهم أضعافاً مضاعفة، بما أنه يُعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس وبالتالي الموت. ومن هذا المنطلق، تدعو مراسلون بلا حدود الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، باعتباره هيئة منبثقة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للتدخل العاجل من أجل حث السلطات المصرية على وضع حد لهذه الانتهاكات المنهجية.


وجدير بالذكر أن معظم هؤلاء الصحفيين العشرة يوجدون قيد الحبس الاحتياطي منذ مدة طويلة، حيث يتم تمديد فترات الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، كما هو الحال بالنسبة للصحفية إسراء عبد الفتاح، المعتقلة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، وزميلتها سلافة مجدي، القابعة في السجن منذ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وأيضاً عادل صبري، الذي يقف خلف القضبان منذ 3 أبريل/نيسان 2018، إلى جانب هشام فؤاد وحسام مؤنس، المحتجزين منذ 25 يونيو/حزيران 2019. هذا وقد مُدِّدت فترات الاحتجاز التحفظي في بعض هذه الاعتقالات لأجلٍ يتجاوز الحد الأقصى الذي ينص عليه القانون المصري، كما هو الحال في قضية الصحفي معتز ودنان، القابع رهن الحبس الاحتياطي منذ ما يقرب من عامين ونصف.


وفي المقابل، هناك صحفيون آخرون لا يزالون محتجزين تعسفاً رغم صدور أمر قضائي بإخلاء سبيلهم، كما هو حال كل من محمود حسين وبدر محمد بدر، على سبيل المثال لا الحصر. فقد اعتُقل الأول في ديسمبر/كانون الأول 2016 بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، ليمضي عامين ونصف في الحبس الاحتياطي قبل أن تقضي المحكمة بالإفراج عنه. إلا أنه ظل قيد الاحتجاز بعدما وُجهت إليه اتهامات زائفة جديدة بدعوى "الانتماء إلى جماعة إرهابية"، علماً أنه لا يزال خلف القضبان بانتظار المحاكمة. ومن جانبه، اعتُقل بدر محمد بدر في مارس/آذار 2017 بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة"، قبل أن يصدر أمر قضائي بالإفراج عنه في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وعوض إخلاء سبيله، اختفى الصحفي لما يقرب من ثلاثة أشهر قبل أن يظهر من جديد في 25 فبراير/شباط 2020 عند مثوله أمام القضاء في محاكمة جديدة، بتهم غير محددة، علماً أنه ما زال رهن الاحتجاز حتى اليوم.


وعلى غرار بدر محمد بدر، يختفي العديد من الصحفيين أثناء احتجازهم، وذلك في تعارض صارخ مع مقتضيات القانون الدولي التي تنص على ضرورة تمكين المحامين وأهالي المتهمين من التواصل معهم. وفي هذا الصدد، اختفت إسراء عبد الفتاح وسلافة مجدي لمدة 24 ساعة بعد اعتقالهما، بينما انقطعت أخبار معتز ودنان طيلة أسبوع كامل، في حين اختفى محمد إبراهيم رضوان لمدة 11 يومًا بعد القبض عليه في أبريل/نيسان 2018، قبل أن يظهر من جديد عند مثوله أمام المحكمة بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة". وبعدما قضى 15 شهرًا في الحبس الاحتياطي (وهي مدة تفوق المهلة القانونية القصوى المنصوص عليها في القانون المصري)، صدر أمر بالإفراج عنه في 31 يوليو/تموز 2019، لكنه ظل خلف القضبان لمدة 10 أيام إضافية، دون سبب مشروع.


كما يُحكم على الصحفيين بالسجن لفترات طويلة على نحو غير متناسب بتاتاً. وهذا ينطبق مثلاً على إسماعيل السيد محمد عمر توفيق، المعروف باسمه المستعار إسماعيل الإسكندراني، الذي ظل قيد الحبس الاحتياطي لأكثر من ثلاث سنوات، قبل الحُكم عليه في 22 مايو/أيار 2018 بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية" و"المشاركة في مؤامرة إجرامية" و"الحصول على أسرار الدولة والكشف عنها بطريقة غير مشروعة" و"نشر الشائعات للإضرار بالمصلحة الوطنية". كل ذلك لمجرد إقدامه على انتقاد سلطات بلده في منابر إعلامية مختلفة، من بينها وسائل إعلام دولية مثل الجزيرة أو Orient XXI، ومتابعة الوضع عن كثب في منطقة سيناء الحساسة.


وجدير بالذكر أن جميع هؤلاء الصحفيين تعرضوا لإجراءات غير قانونية، سواء تعلق الأمر بالحرمان من الاتصال بمحاميهم أو قضاء مدة مفرطة في الحبس الاحتياطي أو الحرمان من الرعاية الطبية أو عدم احترام إجراءات المحاكمة ... هذا وقد تعرض الكثير منهم للعنف خلال الحجز السابق للمحاكمة، بل وحتى التعذيب في بعض الأحيان، كما هو حال إسراء عبد الفتاح وسلافة مجدي ومحمد إبراهيم رضوان. وكما تؤكد أسرة كل من سلافة مجدي ومحمود حسين، فإن حقوق العديد من المحتجزين في التواصل مع ذويهم أصبحت خاضعة لقيود مشددة مع انتشار جائحة كوفيد-19، مما يزيد من صعوبة ظروف احتجازهم أكثر فأكثر.


يُذكر أن مصر تقبع في المرتبة 166 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق الشهر الماضي

Publié le
Mise à jour le 07.05.2020