محاكمة صحفية ومؤسسة إعلامية أمام المحكمة الخاصة بلبنان

 تجري حالياً محاكمة الصحفية كرمى الخياط ، نائبة مدير قناة الجديد، أمام المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، وذلك بتهمة التحقير وعرقلة سير العدالة في التحقيق بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، حيث وُجهت نفس التهمة أيضاً لشركة تلفزيون الجديد ش.م.ل، الشركة الأم للقناة. تَمثل الصحفية كرمى الخياط وقناة الجديد الإخبارية أمام المحكمة الخاصة بلبنان منذ أبريل\\نيسان 2014 بتهمة تعريض الشهود السريين للخطر من خلال تصويرهم في تقرير عن المحكمة الخاصة بلبنان بناءً على معلومات حصلت عليها المحطة التلفزيونية من مصدر لم تُكشف هويته، حيث عُرض الريبورتاج على أجزاء مختلفة بين 6 و 10 أغسطس\\آب 2012، دون أن تُحذف تلك المحتويات من الموقع ولا من حساب القناة على يوتيوب. وتُحاكم قناة الجديد بصفة شخص اعتباري، وهي سابقة في تاريخ العدالة الجنائية الدولية، علماً أن المحكمة الخاصة بلبنان هي أول محكمة دولية أنشئت للتحقيق في عمل إرهابي. وبينما تؤكد الصحفية أن التقرير لم يكن إلا محاولة لتسليط الضوء على أوجه القصور في عمل المحكمة دون أي نية لتعريض الشهود للخطر، حيث لم يُكشف عن أسمائهم ولا عن وجوههم، فإن المحكمة تتهمها بالتقليل من ثقة الجمهور العام في قدرة المحكمة على حماية شهودها، وهو ما قد يترتب عنه معاقبة كرمى الخياط بما قد يصل إلى سبع سنوات سجناً نافذاً و غرامة مالية قدرها 100 ألف يورو. وبعد انطلاق المحاكمة يوم 16 أبريل\\نيسان 2015، تُجدد مراسلون بلا حدود دعمها للصحفية اللبنانية ولقناة الجديد، مذكرة بأهمية حماية حرية الإعلام في لبنان وسط سياق سياسي تطغى عليه حساسية أمنية مفرطة. وفي هذا الصدد، قالت لوسي موريون، مديرة الأبحاث في منظمة مراسلون بلا حدود، إننا ندين بشدة محاكمة قناة الجديد والصحفية كرمى الخياط، المتهمتين بمساءلة المحكمة الخاصة بلبنان من خلال بث معلومات سرية مسرَّبة وعرضها على الجمهور العام، مضيفة أن من واجب الصحافة التساؤل حول سير العدالة وتعزيز النقاش العام حول هذا الموضوع. وفي المقابل، نشرت بعض وسائل الإعلام الأجنبية، مثل قناة سي بي سي الكندية ومجلة دير شبيغل الألمانية وصحيفة لوفيجارو الفرنسية، تفاصيل حول هذه القضية على أساس وثائق سرية وتسريبات من داخل المحكمة الخاصة بلبنان، بيد أن هذه الهيئة الدولية لم تصدر أي قرار استدعاء في حق تلك المؤسسات ولا ضد أي من صحفييها. يُذكر أن كريم خان، محامي كرمى الخياط، أكد أن موكلته وبعض زملائها تلقوا تهديدات بالقتل على خلفية هذه القضية. ومن جهتها، قالت الصحفية بأعلى صوت خلال مثولها أمام القاضي يوم 16 أبريل\\نيسان 2015: المحكمة الدولية أنشئت من أجلنا ومن مالنا، ومراقبة عملها مسؤوليتنا. وبحسب ما أفادت به مصادرنا، قامت القناة ببث سلسلة التقارير تلك لغايتين اثنتين: الأولى تتمثل في إظهار أن التسريبات تتم بشكل منهجي من داخل المحكمة الدولية، مما يكشف معلومات سرية قد تهدد السير العادي للمحاكمة؛ أما الهدف الثاني فيتجلى في تسليط الضوء على إمكانية الوصول بسهولة إلى بيانات الشهود الذين يتمتعون بالحماية مع تبيين غياب السرية في شهادتهم. هذا وقد بدأت الجلسة الأولى من المحاكمة يوم 16 أبريل\\نيسان، حيث قدمت النيابة حججها، على أن تتواصل الجلسة في 22 أبريل\\نيسان 2015، لتُستأنف المحاكمة بتاريخ 12 مايو\\أيار وتستمر على مدى ثلاثة أيام حيث ستستمع المحكمة إلى هيئة الدفاع التي بإمكانها أن تقدم شهودها، بينما لم يُحدَّد بعد موعد صدور الحكم. هذا وقد تشكلت مجموعة دعم، تتقدمها الصحفية الفرنسية فلورونس هارتمان، التي حلت بمدينة لاهاي لحضور المحاكمة تضامناً مع الصحفية ومؤسستها الإعلامية. وبالإضافة إلى كرمى الخياط وقناة الجديد، يُحاكم في هذه القضية كذلك الصحفي إبراهيم الأمين، رئيس تحرير جريدة الأخبار، وشركة أخبار بيروت ش.م.ل، الشركة الأم للصحيفة اليومية، بتهمة التحقير وعرقلة سير العدالة، علماً أن موعد جلسة الاستماع مازال لم يُحدد حتى الآن. يُذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود كانت قد راسلت المحكمة الخاصة بلبنان من خلال خطاب ودي بمناسبة جلسة الاستماع الأولية في إطار هذه القضية يوم 13 مايو\\أيار 2014. هذا ويحتل لبنان المرتبة 98 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود مطلع عام 2015.
Publié le
Updated on 16.04.2019