ليبيا:\"يحق لنا انتقاد الله وليس القذافي\"

للمرة الأولى منذ عشرين عاماً، تمكّن وفد من منظمة مراسلون بلا حدود من التوجه إلى ليبيا. وما إن وطأ الأراضي الليبية حتى لاحظ التغييرات الجارية في بلاد الأخ قائد الثورة القذافي. إلا ان هذا الانفراج الجلي لا يخفي حقيقة النظام السائد الذي لا يزال من الأكثر الانغلاقاً في العالم على الحريات العامة
للمرة الأولى منذ عشرين عاماً، تمكّن وفد من منظمة مراسلون بلا حدود من التوجه إلى ليبيا. وما إن وطأ الأراضي الليبية حتى لاحظ التغييرات الجارية في بلاد الأخ قائد الثورة القذافي. إلا ان هذا الانفراج الجلي لا يخفي حقيقة النظام السائد الذي لا يزال من الأكثر الانغلاقاً في العالم على الحريات العامة: فعلى رغم التغيير الجذري في العلاقات الدبلوماسية والانفتاح الاقتصادي غير المسبوق إثر الرفع النهائي للحصار المفروض على ليبيا منذ العام 1992، إلا أن حركة اللجان الثورية - العمود الفقري للنظام - لا تزال تعتمد الاحتكار وسيلة كما لا تزال الصحافة تشكل جهازاً للبروبغاندا. كذلك، لا تزال السلطة تسيطر على وسائل الإعلام باستثناء المحطات الفضائية والإنترنت. فما من مؤسسة صحافية مستقلة وما من وسيلة إعلام تجرؤ على تخطي الخطوط الحمراء مثل حياة القذافي وأسرته، ووضع البربر، والفساد وغيرها من المواضيع على رغم احتجاج مؤسسة النجل الأكبر للعقيد القذافي سيف الإسلام الذي أطلق وسائل إعلام أكثر عصرية تتوجه إلى الشباب ولكنها قلّما تخرج عن الخط المفروض. ويختصر أحد الصحافيين الذي فضّل إغفال اسمه الوضع بالقول: يحق لنا انتقاد الله وليس القذافي. ولعل الدليل الواقعي على هذا القول يتمثل بسجن المخالف الإلكتروني عبد الرزاق المنصوري لمدة 18 شهراً، واغتيال الصحافي ضيف الغزال في ربيع 2005 لأنهما مسّا بالقائد الذي يتربّع على عرش البلاد منذ 37 عاماً. إلا أن الأزمنة تتبدّل. فبفضل قناة الجزيرة والنقاط العامة المخصصة لولوج الإنترنت، لم يعد الليبيون معزولين عن سائر العالم كما كانوا في الماضي. وباتوا ينزعجون من اللغة الخشبية التي تلجأ وسائل الإعلام الرسمية إليها. ويكفي أن تطرح الأسئلة على الصحافيين حتى ينهالوا انتقاداتٍ وإن فضّلوا إبقاء أسمائهم طيّ الكتمان. فلا شك في أن خوفهم ملموس ويطال مراسلي الصحافة الأجنبية تماماً كما يطال الصحافيين الليبيين. ولكنهم على الأقل باتوا يستطيعون التجوّل من دون دليل أو مترجم في حين أن الحصول على تأشيرة سفر لا يزال يكبدّهم مشقّة فعلية مع استمرار الضغوطات. أما التغيير الذي تراه نقابة الصحافيين الليبيين - التي وجهت الدعوة إلى مراسلون بلا حدود - ثابتة من الثوابت الحالية، فلا يظهر إلا على الصعيد البلاغي. ومع أن وسائل الإعلام بدأت تتطرّق لهموم الليبيين اليومية وتفضح الرشاوى التي تسمم حياتهم، غير أنها لا تزال تخضع لنظام سياسي يعتمد، شئنا أم أبينا، بشكل أساسي على الحزب الواحد. وفي ظل هذا الوضع السائد، لا يمكننا تجاهل إشارة مشجعة: فبدأت الآراء الرافضة تظهر إلى العلن في مختلف المؤسسات بما في ذلك الهيئات الصحافية الحاكمة. وتشهد بيانات نجل القذافي - الرامية إلى تخصيص المؤسسات الإعلامية والناقدة للصحافة - على إدراك رأس السلطة للوضع: بما أن ليبيا بدأت تتحرك، فمن الأفضل مواكبة التطورات الجارية - للسيطرة عليها؟ وفي هذا الإطار، يتعيّن على المجتمع الدولي ولا سيما الاتحاد الأوروبي دعم كل الذين يناضلون في ليبيا وخارجها في سبيل مزيد من الحرية في مجال الإعلام. فمن الضروري إجلاء الحقيقة كاملةً حول اغتيال ضيف الغزال لأنه من شأن هذه القضية أن تسمح بقياس إرادة السلطة بالتخلّص فعلياً من وجهها الأسود إلى الأبد. إلا أن منظمة مراسلون بلا حدود لا تعوّل على البيانات، الصادقة أحياناً، لتقول بالتغيير الجاري وإنما على وجود وسائل إعلام خاصة ومستقلة. ولكن الوضع لم يرقَ إلى هذا المستوى من التطوّر بعد. توجّه وفد من منظمة مراسلون بلا حدود إلى ليبيا من 13 إلى 17 أيلول/سبتمبر 2006. إن التقرير الكامل متوفّر على الموقع الإلكتروني: www.rsf.org.
Publié le
Updated on 18.12.2017