\"لا تملكون أي حق هنا، ولكن أهلاً وسهلاً بكم في تونس!\"


إن تونس غارقة في بحر من التناقضات. فمع تراجع صناعة النسيج التي كانت تشكل المورد الأساسي للبلاد، بات قطاع السياحة ضرورياً لنموها الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى. ولكن الاستمرار في الاستفادة من التدفق الكثيف للسيّاح الأجانب يتوقف على إظهار تونس وجهها المرحّب. فبالإضافة إلى حملات الإعلانات في المترو الباريسي أو وسائل الإعلام الأوروبية، يبقى حضور الصحافيين الأجانب الذين يمثلون صورة بلادهم خارج حدودها أساسياً، شرط أن يكونوا مطيعين وخلوقين وألا يطرحوا الكثير من الأسئلة. يمكنهم الاهتمام بالشمس والشواطئ والأسواق. أما حقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية الديمقراطية فلا وألف لا. فمن البديهي أن يكون هؤلاء الصحافيون الأجانب وكل الأصوات المحلية المعارضة الكفيلة بإبلاغهم بالمعلومات التي يحتاجون إليها (المعارضين، المدافعين عن حقوق الإنسان، النقابيين، الصحافيين المستقلين، إلخ) خاضعين للرقابة المشددة. ومع انعقاد المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات بين 16 و18 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في تونس، تتجه كل الأنظار إلى هذا الجزء من حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يبدو فيه التواصل مع الخارج أولوية مطلقة وتصلح فيه كل الوسائل لجذب الصحافة الدولية. لا تملكون أي حق هنا، ولكن أهلاً وسهلاً بكم في تونس! تختصر هذه الجملة وحدها التناقض السائد في البلاد، وقد أطلقها شرطي بلباس مدني كان يمنع بعثة مراسلون بلا حدود عن حضور جلسة علنية في قصر العدل في تونس العاصمة في 4 حزيران/يونيو الماضي. توجهت بعثة من مراسلون بلا حدود إلى تونس من 2 إلى 6 حزيران/يونيو 2005 لإعداد تقرير حول وضع حرية التعبير في هذه الدولة. وقد خضعت هذه البعثة التي اضطرت لإخفاء الهدف الفعلي لمهمتها بغية دخول البلاد لرقابة الشرطة وأجهزة الاستخبارات التونسية الدائمة. وبالرغم من كل التدابير المتخذة، تمكّنت من لقاء صحافيين يعملون في القطاع الحكومي، والصحافة الخاصة، ووسائل الإعلام التابعة للمعارضة فضلاً عن صحافيين مستقلين يعملون لحساب منشورات غير مسموح بها. كذلك، نجحت البعثة في لقاء ناشطين في مجال حقوق الإنسان، ونقابيين، ومسؤول من وزارة العدل. جهاز مذهل للبروبغاندا يسعى الرئيس بن علي إلى عكس صورة القائد التقدّمي الذي يحكم أكثر بلدان المغرب تطوّراً. وإذا كان نجاح تونس في بعض القطاعات لا مثيل له، إلا أن القيم الديمقراطية كالتناوب السياسي، واحترام حقوق الإنسان، ومشاركة السلطة لم تعد تندرج في جدول أعمال البلاد. في الواقع، يقود زين العابدين بن علي البلاد منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1987 وعزل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة. إن هذا المرشح الوحيد في خلال انتخابات العام 1989 (التي حصد فيها 99.27% من الأصوات) والعام 1995 (99.91% من الأصوات)، نظّم في العام 1999 أول انتخابات رئاسية تعددية في البلاد التي فاز بها بنسبة 99.44%. وفي العام 2004، فاز مرة جديدة في الانتخابات الرئاسية مع 94.48% من الأصوات. وقبل عامين، وبالتحديد في أيار/مايو 2002، عمد إلى تعديل الدستور لإلغاء حدود الثلاث ولايات رئاسية التي وضعها بنفسه، مما يسمح له بالترشّح حتى العام 2011 وهو العام الذي يبلغ فيه الحد الأقصى من العمر المحدد في الدستور. شقّت عبادة الشخصية طريقها في تونس. فإذا بصور الرئيس تزنّر الشرايين الرئيسة في المدن الكبرى وتجتاح جدران المطاعم والحانات والفنادق والأسواق. وإذا بملصقات ضخمة (يبلغ علوها عدة أمتار) لرئيس الدولة تعلو النقاط الاستراتيجية في تونس العاصمة (حول المطار، أمام مقر شركة الخطوط الجوية الوطنية، والريجي الوطنية للتبغ، إلخ.). لا شك في أن الحكومة التونسية تعتمد على الجهود التي تبذلها الوكالة التونسية للاتصالات الخارجية لضبط صورة البلاد في الخارج. فترتبط هذه المؤسسة الرسمية التي أنشئت في العام 1990 مباشرة برئيس الوزراء، وهي مكلّفة باستقبال الصحافيين الأجانب الذين يتوجهون إلى تونس، والإجابة على أسئلتهم، وتنفيذ الحملات الصحافية والإعلانية في فرنسا والعالم للتباهي بمآثر البلاد، وتوزيع الإعلانات المؤسساتية. في هذا السياق، أفاد أحد مراسلي الصحافة الدولية الذي فضّل عدم الكشف عن هويته: باتت هذه المؤسسة أساسية في البلاد. فلا بدّ من المرور بها للحصول على المعلومات الرسمية حتى لو كان مطلبنا يتعلق بمعلومات علمية أو اجتماعية أو ثقافية. إنها وسيلة ضبط مذهلة. الرئيس بن علي يتصدّر العناوين يعاني المشهد الإعلامي التونسي الفقر العددي المدقع. فيتوفر حوالى عشر صحف ومجلات موالية للحكومة بالإضافة إلى الصحيفة الفرنكوفونية لا برس La Presse ونظيرتها باللغة العربية الصحافة. ومع أن بعض الصحف تعتبر نفسها مستقلة، إلا أن خطها الافتتاحي واضح: دعم الرئيس بن علي بأي ثمن. فنرى أن نشاطات رئيس الدولة تتصدّر العناوين وأن مخيّلة كتّاب الافتتاحيات لا تنضب لامتداحه. وعلى سبيل المثال، في 3 حزيران/يونيو، نشرت سبع صحف من أصل ثمانٍ الصورة الرسمية نفسها التي أخذت للرئيس في زيارته إلى مالطا. عدد يوم الجمعة 3 حزيران/يونيو 2005 من صحيفة لو كوتيديان Le Quotidien إحدى الصحف السبع التي نشرها يومها الصورة الرسمية نفسها في الصفحة الأولى في ذلك اليوم، كانت عناوين الصحف ومن بينها لا برس La Presse ورونوفو Renouveau (التابعة للتجمّع الدستوري الديمقراطي - الحزب الحاكم) متشابهة إلى حد بعيد: من أجل شراكة مميّزة، اتفاق الدولتين حول مجمل المسائل الإقليمية والدولية، تقدير لما يقوم به الرئيس بن علي في سبيل ازدهار تونس وشعبها وتثمين لما تحقق فيها من إنجازات وتقدم، إلخ. ولا ريب في تكرار الجمل نفسها في الصحافة الوطنية، فقد أعدها الجهاز الإعلامي الرئاسي أو وكالة أفريقيا تونس للأنباء. الصفحة الأولى من الحرية الصادرة في 3 حزيران/يونيو 2005 تتوفّر منشورتان تابعتان للمعارضة - الصحيفة الشهرية الطريق الجديد والمجلة الأسبوعية الموقف - وهما تعودان لحزبين سياسيين تعترف السلطات بهما في البلاد. وتتمتع هاتان الصحيفتان باستقلالية في التعبير (لا سيما الموقف) تلفت الأوساط الصحافية. ولكن نشرها المحدود (أقل من 3000 و5000 نسخة على التوالي) وصعوبة الحصول عليها من الأكشاك، تحدان من نفوذهما في مواجهة الـ 55000 نسخة التي تنشرها لا برس La Presse يومياً. في هذا الإطار، يعتبر رئيس تحرير الموقف رشيد خشانة أن الحكومة ترغب في كم أفواهنا لأننا نتجاوز الخطوط الحمراء باستمرار. وفي الوقت نفسه، تستخدمنا للتباهي بتعددية الإعلام في البلاد. ولكنها تدرك جيداً أن اتخاذ أي إجراءات بحقنا قد يلحق ضرراً بالغاً بصورتها في الخارج. فرض الرقابة على الإيصالات صادقت تونس على كل المعاهدات الدولية الأساسية التي تحمي حقوق الإنسان: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وحتى المدوّنة الأخلاقية للسياحة التي تعزز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. لكنه يبدو أن هذه التواقيع والمصادقات في تونس كما في دول قمعية أخرى ليست إلا مظاهر خدّاعة. فلا تنفك الحكومة عن انتهاك التزاماتها الخاصة وسرعان ما تناقض الوقائع تصاريح رئيس الدولة. إن تونس وكما رسمنا ملامحها في برنامجنا لتونس الغد هي بلد يرتقي الى مراتب أعلى من المناعة والإزدهار وينتقل من مرتبة البلد الصاعد الى مصاف الدول المتقدمة بلد تزداد فيه حرية الصحافة رسوخاً وتتجلى فيه حرية التعبير في أنبل معانيها وأوسعها ويحتل فيه رجل الإعلام المكانة التي هو جدير بها ليؤدي دوره المنشود من خلال إعلام حر ديمقراطي وموضوعي خدمة للبلاد ولتطلعات شعبنا نحو مستقبل أفضل . (...) سنحرص على تعزيز حرية الصحافة. كلمة الرئيس بن علي في 3 أيار/مايو 2005 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. رسمياً، يعتبر إنشاء المطبوعات حراً في تونس. فما من ترخيص مسبق مطلوب لذلك ويكفي التصريح بنية الإقدام على هذا النشاط إلى وزارة الداخلية. ولكن الواقع مختلف تماماً عملياً. وتشرح المادة 13 من قانون الصحافة ما يلي: قبل إصدار أي دورية، لا بدّ من تبليغ وزارة الداخلية خطياً بذلك على ورقة مختومة وموقعة من مدير الدورية. فيستلم إيصالاً بها. إن هذه الجملة الأخيرة ضرورية. يستلم إيصالاً بها. فهذا الإيصال ضروري لطبع المنشورة. وتنص المادة 14 من قانون الصحافة على أنه قبل طبع أي دورية، يتعيّن على الطابع طلب الإيصال الذي منحته وزارة الداخلية والذي ينبغي ألا يتعدى تاريخ تسليمه أكثر من عام. إلا أن مراسلون بلا حدود التقت عدة صحافيين أودعوا طلبات بإنشاء منشورات ولكنهم لم يتلقوا أي إيصال بالمقابل. وهذه هي حال سهام بن سدرين التي حاولت ثلاث مرات منذ العام 1999 تأسيس مجلة كلمة. وأمام رفض الإدارة منحها إيصالاً، لم يتبقَ لها سوى إصدار مجلتها على الإنترنت. أما العميد السابق في الجامعة والمنتقد للحكومة محمد طالبي، فلا يزال ينتظر إيصالاً لإنشاء صحيفته منذ العام... 1989: بما أنهم يعرفون نوعية كتاباتي، فلن يمنحوني إيصالاً أبداً. لم أعرف يوماً فترة بهذه القساوة. حتى في ظل حكم بورقيبة، كنا نجد شبه صحافة معارضة. صحيح أنه لم يكن يحق لنا بانتقاد بورقيبة، إلا أننا كنا نستطيع الإدلاء بعدد من آرائنا. فيزداد الوضع سوءاً منذ العام 1989. سعى صحافيون آخرون عبثاً إلى إنشاء مجلات متخصصة في الثقافة، والهندسة الداخلية، والوسائل التكنولوجية الجديدة. وقد أخبر أحد الصحافيين التونسيين فضّل إبقاء اسمه طيّ الكتمان مراسلون بلا حدود بأنه يستحيل إنشاء صحيفة دونما دعم الرئاسة السياسي المباشر: كنت أحظى بدعم سياسي مهم عندما أردت إنشاء مجلتي الخاصة، ولكن هذا الدعم لم يكن كافياً. تستمر كلمة في الصدور عبر الإنترنت بالرغم من كل العوائق التي تعترضها على أمل صدورها مطبوعة قريباً. وتختصر رئيسة تحرير القسم العربي من الصحيفة أم زيد الوضع بالقول: نحن نمارس حقنا ولا نطلبه. فثمة من يدعمنا من القراء، حتى من بين رجالات النظام. إلغاء الإيداع القانوني، خطوة أولى غير كافية تيسيراً لظروف العمل الإعلامي ودعماً لشفافيته، نأذن اليوم بإلغاء إجراء الإيداع القانوني والعقوبات المترتّبة عنه في ما يتعلّق بالصحافة. كلمة الرئيس بن علي في 27 أيار/مايو 2005 بمناسبة اليوم الوطني للثقافة. من شأن إلغاء الإيداع القانوني أن يسمح ببيع صحيفتي المعارضة - الطريق الجديد والموقف - بسرعة أكبر، مع الإشارة إلى أن هذا الإيداع القانوني كان قسرياً لهاتين الصحيفتين لأنه يجبر الطابع على انتظار موافقة وزارة الداخلية لإرسال النسخ إلى الموزّع ما إن تسحب النسخ المطبوعة كافة. فكانت هاتان الصحيفتان تتأخران باستمرار لعدة ساعات وحتى يوم كامل قبل حضورها في أكشاك الصحف. لكن هذا الخبر السار قد عُدِّل فوراً بأحد أبرز المعنيين. فقد أشار مدير تحرير الطريق الجديد هشام سكيك إلى أننا لم نكن نريد إلغاء الإيداع القانوني مع أن هذا التدبير مفيد للاحتفاظ بصحف تونسية. كنا نريد فقط أن يستخدم هذا الإجراء كوسيلة لفرض الرقابة أو ضبط محتوى الصحيفة. الصفحة الأولى من صحيفة لا برس La Presse الصادرة في 3 حزيران/يونيو 2005 إلا أن الإجراء المتبع لوضع حد للإيداع القانوني يطلع الرأي العام على تنظيم السلطة في البلاد. فيكفي أن يعلن الرئيس هذا التدبير رسمياً حتى يتم تطبيقه على الفور. وقد لاحظت بعثة مراسلون بلا حدود في خلال زيارتها أنه قد بدأ تطبيقه. فلا ضرورة لموافقة البرلمان لأن تصريح رئيس الجمهورية وحده يتمتع بقوة القانون. وقد أفاد أحد الطابعين التونسيين بما يلي: أدلى الرئيس بذلك. وهذا كافٍ بالنسبة إلينا. لا نحتاج إلى إعلان القرار في الجريدة الرسمية. سراب الإعلام المرئي والمسموع الخاص نعلن اليوم قرارنا بفتح الفضاء السمعي البصري أمام إذاعات وتلفزات الخواص لكي تنخرط في المشهد الإعلامي الوطني الى جانب المؤسسات الإعلامية العمومية. كلمة الرئيس بن علي في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003 بمناسبة الذكرى السادسة عشرة للتحول. يتبيّن لنا مرة جديدة أن تصاريح الرئيس خدّاعة. فلا يزال القطاع الإعلامي المرئي والمسموع التونسي تحت سيطرة السلطات الكاملة. فترضخ إذاعة الدولة (عدة إذاعات في البلاد) وتلفزيون الدولة (القناة 7 والقناة 21) للحكومة بشكل تام وتكتفي بنقل البروبغاندا الرسمية. ويشكل مجرّد مشاهدة أخبار الساعة الثامنة على قناة 7 (الاسم المعطى للقناة تيمّناً بالسابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1987، تاريخ تسلّم الرئيس بن علي مقاليد السلطة) الدليل الأمثل على ذلك. فرئيس الدولة حاضر أينما كان بحيث أنه يشكل محور الأخبار التي تخلو من أي انتقاد أو كلمة تتفوه بها المعارضة السياسية أو المجتمع المدني. وفي هذا السياق، لاحظت مراسلون بلا حدود أن زيارة رئيس الدولة إلى مالطا احتلت عدة ساعات من الهواء قبل نهاية الأخبار. الصفحة الأولى من صحيفة الصباح الصادرة في 3 حزيران/يونيو 2005 أما قناة التلفزة الخاصة الوحيدة تلفزيون هنيبعل التي أطلقت في 13 شباط/فبراير 2005، فلا تبث الأخبار وتقتصر شبكة برامجها على البرامج الترفيهية والمسلسلات الكوميدية والطبخ. في ما يتعلق بالإذاعة، بدأت موزايك أفم أم Mosaique FM بالبث في منطقة تونس في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003. إن هذه الإذاعة التي تحدد نفسها على أنها شاملة بنزعة موسيقية تبث نشرات إخبارية قصيرة. وإزاء الاتهامات بالقرب من السلطات الموجهة إليها، يدافع مدير الإذاعة نور الدين بوطار عن نفسه بالقول: صحيح أنني على علاقة جيدة بالسلطة ولكن هذا لا يمنعني عن التطرّق إلى مواضيع لطالما بقيت طي الكتمان في تونس مثل السيدا والبطالة والجنس. وقد أكدت إحدى المذيعات هذا القول لمراسلون بلا حدود: يتصل الأفراد ويتحدثون بحرية عما يشاؤون. ورداً على سؤال حول ما إذا كان البعض منهم يتطرّق إلى مواضيع سياسية وينتقدون أعمال رئيس الدولة، أجابت بلياقة تامة: كلا! هذا غير ممكن. إن الاتفاقية التي تربط الدولة التونسية بإذاعة موزايك أفم أم Mosaique FM قسرية للغاية لا سيما أنه يتم تعيين المسؤول الأول فيها ومدير الأخبار بالاتفاق مع الحكومة. وفي ما يتعلق الأخبار، تلتزم المحطة ببث أخبار قصيرة لا تتعدى الخمس دقائق في الساعة ولا تنطوي على اقتباسات من افتتاحيات أو تعليقات. كذلك، تمنع هذه الاتفاقية نشر أخبار من شأنها أن تخلّ بالنظام العام أو تلحق الضرر بصورة البلاد، كما إعادة بث برامج إذاعات أو محطات تلفزة أخرى مباشرة على الهواء دونما أخذ الإذن المسبق بذلك من الدولة تحت طائلة تعليقها من دون إنذار أو فسخ الاتفاقية. وفي النهاية، تفرض المادة 10 من الاتفاقية على الإذاعة بث تصريحات وكلمات رئيس الجمهورية بلا انقطاع كما تبثها الإذاعات الرسمية. في هذا السياق، يستحيل التحدث عن إذاعة مستقلة وفقاً لمدير موزايك أفم أم Mosaique FM: أدرك أن هذا غير كافٍ. ولكنني آمل أن تنضم إذاعات أخرى إلينا وتتمكن من التطرّق إلى السياسة وغيرها من المواضيع بحرية. أعلن عن ولادة إذاعة ثانية هي راديو جوهر في منطقة سوس نهاية العام ولكن شبكة برامجها لا تزال مجهولة. الواقع أن عدة طلبات لإنشاء إذاعة أو محطة تلفزة قد أودعت ولكنها باءت بالفشل. ففي 14 آذار/مارس 2004، طلب رشيد خشانة من مجلة المعارضة الأسبوعية الموقف ترخيصاً بإنشاء إذاعة ومحطة تلفزة. ولكنه لم يتلقَ أي ردّ إلى اليوم. كان الصحافي زياد إلهامي من أول الصحافيين الذين أودعوا طلباً من هذا النوع في محاولة لإطلاق إذاعة راديو قرطاج منذ العام 1996. وقد كثّف مساعيه أمام المحاكم لكسب الدعوى. وفي خلال محاولته الرابعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2003، علم بأن وزارة الاتصالات ردّت على المحكمة الإدارية التي رفع الصحافي دعوى إليها بوجود قانون جديد صدر في العام 1990 ويجيز إنشاء إذاعات خاصة، كما بوجود مرسوم صادر في العام 1957 ينص على أن الدولة تحتفظ بالاحتكار التام للقطاع المرئي والمسموع. وقد خلص رئيس ديوان وزارة الاتصالات إلى القول: إن حصول موزايك أفم أم Mosaique FM على ترخيص لا يعني أن الطلبات الأخرى ستحظى بالمعالجة نفسها. الاعتقال لمدة عام ونصف بتهمة التشهير منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1987 (تاريخ تسلّم الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد السلطة)، لم يتعرّض أي صحافي للاعتقال بسبب نشاطاته الصحافية. المصدر: www.tunisie.com، الموقع الإخباري الرسمي حول تونس. تكفي بضعة أمثلة لمناقضة الأخبار الواردة على هذا الموقع الإلكتروني الذي يعدّ أحد أبرز وسائل التضليل الإعلامي في للدولة التونسية. في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2003، حكم على الصحافي العامل في مجلة الفجر عبدالله زواري بالسجن لمدة 13 شهراً بتهمة التشهير. وفي 10 تموز/يوليو 2002، حكم على منشّط الموقع الإخباري تونزين Tunezine زهير يحياوي بالسجن لمدة عام بتهمة نشر أخبار مغلوطة. وفي صيف العام 2001، تعرّضت رئيسة تحرير المجلة الإلكترونية كلمة سهام بن سدرين للاعتقال لمدة شهر ونصف بتهمة التشهير. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1995، حكم على رئيس تحرير مجلة البديل محمد كيلاني بالسجن لمدة خمسة أعوام بتهمة التشهير بشخصية سياسية. وفي 30 كانون الثاني/يناير 1991، حكم على مدير مجلة المغرب عمر شبو بالسجن لمدة 15 شهراً بتهمة التشهير ونشر أخبار مغلوطة. وفي 3 آذار/مارس 1990، حكم على مدير مجلة ليز أنونس Les Annonces نجيب عزوز بالسجن لمدة شهرين بتهمة التشهير. لا يزال مدير مجلة الفجر حمادي جبالي الصحافي الوحيد قيد الاعتقال في تونس علماً بأنه قد تعرّض للتوقيف منذ العام 1991 بتهمتي التشهير والانتماء إلى منظمة غير مشروعة. ومن المفترض أن ينهي عقوبته في العام 2008. يستحيل إعادة كتابة التاريخ. ومع التصريحات العامة والبيانات الرسمية والمقابلات، تسعى الحكومة والوكالة التونسية للاتصالات الخارجية إلى إخفاء الوقائع أو تحويلها. وغالباً ما يتذرّع المسؤولون بحجة أن هؤلاء الصحافيين ليسوا بصحافيين فعلاً وإنما معارضين سياسيين يحاولون بث الفوضى في البلاد، بل إسلاميين يهددون بتدميره. في كانون الثاني/يناير 2000، أوصى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز حرية التعبير والرأي وحمايتها كل الحكومات بالحرص دوماً على إلغاء عقوبات السجن من جنح الصحافة، باستثناء جنح مثل التعليقات العنصرية أو التمييزية أو الدعوات إلى العنف. أما الجنح المرتبطة بـالكتابات التشهيرية، والإهانات، والشتائم بحق رئيس الدولة أو نشر أخبار مغلوطة أو مرعبة، فتبقى جديرة بالعقاب وغير متناسبة مع الضرر الذي تتعرّض الضحية له في آن. وفي كل هذه الحالات، تشكل إدانة التعبير السلمي انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان. الصفحة الأولى من الشروق الصادرة في 3 حزيران/يونيو 2005 مع أن تونس عضو في منظمة الأمم المتحدة، إلا أن هذا لا يمنعها عن الاحتفاظ في قانون الصحافة بعقوبات السجن من عام إلى ثلاثة أعوام في حال التشهير بمؤسسات الدولة، والإدارة، والوزراء والنواب، ولمدة ستة أشهر في حال التشهير بالأفراد علماً بأن المادة 48 من قانون الصحافة تعاقب على التهجّم على رئيس الجمهورية بعقوبة قد تصل إلى خمسة أعوام من السجن. وقد فسّر المنسّق العام لحقوق الإنسان لدى وزارة العدل محمد حبيب شريف لمراسلون بلا حدود ما يلي: لا يقوم القضاة التونسيون إلا بتطبيق القانون. صحيح أنه ينبغي تعديل القانون، ولكننا نتقدّم، وهذا هو المهم. وينطبق الوضع نفسه على قضية عبو. في 28 نيسان/أبريل 2005، حكم على المحامي البالغ 39 سنة من العمر محمد عبو بالسجن لمدة عام ونصف بتهمة نشر أخبار مغلوطة. ففي آب/أغسطس 2004، نشر على الموقع الإلكتروني تونس نيوز tunisnews مقالاً قارن فيه التعذيب الذي يتعرّض له المعتقلين السياسيين في تونس بأعمال العنف التي يمارسها الجنود الأمريكيون في أبو غريب في العراق. إلا أن عدة مراقبين كانوا متواجدين في المحاكمة أشاروا إلى أن إدانته تعود في الحقيقة إلى مقال آخر نشره عبر الإنترنت قبل بضعة أيام من اعتقاله، بالتحديد في الأول من آذار/مارس، وندد فيه بدعوة الرئيس بن علي رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون. وقد أفادت زوجة الصحافي ساميا عبو التي التقتها مراسلون بلا حدود بأنه يطال أسرة الرئيس بن علي في هذا المقال ولا يمكن السماح بذلك. الصفحة الأولى من رونوفو Renouveau الصادرة في 3 حزيران/يونيو 2005 كذلك، حكم على محمد عبو بالسجن لمدة عامين في قضية أخرى اتهم فيها بالاعتداء الجسدي على زميلة له. إلا أن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان كافة ومحمد عبو وأسرته نفوا هذه التهمة جذرياً مؤكدين أنها مكيدة دبّرتها السلطات لفرض عقوبة فادحة عليه وإهانته علناً. في هذا السياق، قالت السيدة عبو: أزوره مرة في الأسبوع. ولكن الزيارات تسير بشكل سيئ للغاية. فالحرّاس حاضرون دائماً للتنصّت علينا. وفي أحد الأيام، توجهت إلى السجن مع الأولاد الذين أرادوا تقبيل والدهم. وما إن طلبت إذناً بذلك حتى جوبه طلبي بالرفض. لم يفهم الأولاد سبب الرفض وقد عانوا الكثير من جراء هذه الحادثة. في 10 حزيران/يونيو 2005، أقرت محكمة الاستئناف الحكمين في محاكمة ظاهرية منع الصحافيون والدبلوماسيون والأفراد العاديون عن حضورها. وحدهم محامو الدفاع تمكّنوا من حضور الجلسة التي استمرت... دقيقتين تقريباً. فلم يرغب رئيس المحكمة في العودة إلى أساس النقاشات وأقر الحكمين منتهكاً بذلك حقوق الدفاع الأساسية. حدود الإعلام منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1987، لم يتم تعليق صدور أي صحيفة أو مجلة. المصدر: www.tunisie.com كلام خاطئ، مرة جديدة. فلا تزال الرقابة مستشرية في تونس. ولكنها لا تمارس على الصحافة الوطنية الخاضعة لأوامر الدولة وإنما على الصحافة الأجنبية الأكثر حرية وبالتالي الأكثر خطورة حتى أننا بتنا عاجزين عن إحصاء عدد نسخ الصحف الفرنسية والأوروبية والعربية الممنوعة في البلاد. وتتعرّض الصحيفتان الفرنسيتان ليبراسيون Lib
Publié le
Updated on 18.12.2017