عامٌ على مرسي في الرئاسة: \"مراسلون بلا حدود\" تندد بسلسلة الانتهاكات والإجراءات التعسفية الأخيرة في حق الإعلاميِّين

تندد منظمة مراسلون بلا حدود بسلسلة الانتهاكات التي طالت الإعلاميين خلال المظاهرات التي رافقت الذكرى الأولى لوصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم، يوم 30 يونيو/حزيران. إن المنظمة تطالب السلطات المصرية باتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامتهم، وبالتراجع عن جملة من القرارات التعسفية المتخذة، والتي تشكل خطرا على استقلالية وسائل الإعلام العمومية والخاصة.

العنف الجسدي: إعلاميان قُتلا وأزيد من عشرة تعرّضوا لاعتداءات

تشير حصيلة أعلنها وزير الصحة يوم 1 يوليو/تموز 2013 إلى مقتل 16 شخصا وإصابة 781 أثناء مظاهرات يوم الأحد 30 يونيو/حزيران لوحده. أكثر من عشرة صحافيين تعرضوا لاعتداءات، بينما كانوا يغطون الأحداث والمواجهات بين عناصر المعارضة وأنصار الإخوان المسلمين، في القاهرة، وأيضاً في مناطق أخرى من البلاد.

إن منظمة مراسلون بلا حدود تطالب السلطات المصرية بإجراء تحقيقات مستقلة حتى لا يفلت المعتدون من العقاب. إن من مسؤوليتها توفير الحماية للإعلاميِّين حتى يتمكنوا من أداء عملهم بحرية وفي أمان تام.

ذكر تقرير للجنة حماية الصحافيين عن مقتل صحافي وإصابة سبعة آخرين بين يومي 28 و30 يونيو/حزيران الماضي. في الثامن والعشرين من شهر يونيو/حزيران مساء، قُتل صلاح الدين حسن، الصحافي العامل في صحيفة شعب مصر، في انفجار قنبلة تقليدية الصنع في مدينة بورسعيد، ألقاها مجهول وسط المتظاهرين. من جهته تعرّض طالب أمريكي للطعن حتى الموت بينما كان يلتقط صوراً للحركة الاحتجاجية في الإسكندرية، في نفس اليوم، أي يوم الجمعة 28 يونيو/حزيران.

كما سُجِّلت اعتداءات منذ أولى المظاهرات الاحتجاجية التي سبقت موعد الذكرى الأولى، ولا تزال تحصل. في بيان نشرته المنظمة المصرية غير الحكومية مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ذكرت أن محمد حيزة الصحافي بفريق إصدار المنصورة – ولاد البلد تعرّض للخطف والتعذيب خلال تغطيته للاشتباكات بين أنصار ومعارضي الإخوان المسلمين، بتاريخ 26 يونيو/حزيران2013 في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية (120 كلم شمالي القاهرة)، التي خلّفت أزيد من 200 جريح. تم احتجاز محمد حيزة لحوالي سبع ساعات، وسُئِل عن زملائه في مؤسسة ولاد البلد، المعروفة بمعارضتها للإخوان المسلمين. وقد تعرّض خلال ذلك للصعق الكهربائي قبل أن يخلى سبيله وسط أحد شوارع المنصورة. وقد أكد تقرير طبي وجود آثار صعقات كهربائية وكدمات في مختلف أنحاء جسده. كما قال محمد حيزة إنّ أغراضه الشخصية سُلبت منه.

أكدت السفارة الهولندية ان امرأة هولندية تعرضت لإعتداء بميدان التحرير، في السادس والعشرين من يونيو/حزيران. حسب المعلومات الموجودة، كانت تصور الإحتجاجات لما وقعت ضحية عملية اغتصاب جماعي، نفذها خمسة رجال. من جهتها أحصت مجموعة قوة ضد التحرش / الاعتداء الجنسي الجماعي 46 حالة تحرش جنسي على الأقل، في ميدان التحرير في القاهرة، خلال مظاهرات 30 يونيو/حزيران.

مساء الأحد 30 يونيو/حزيران 2013، تعرض مصوِّر صحيفة الوطن، عمر زهيري، لاعتداء من طرف مجهولين، ثم نُقل إلى المستشفى. وقد سُلِبت منه أغراضه الشخصية.

في الثلاثين من شهر يونيو/حزيران دائما، تعرض طاقم شركة أخبار القاهرة، لاعتداء من طرف أنصار الإخوان المسلمين كانوا مسلحين بقضبان حديدية، بينما كانوا يغطون الأحداث من فوق سطح عمارة. أصيب مهندس الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، محمد زيدان، بكسر في ساقه، بينما تعرض المصوِّر جاد الحق لعدة ضربات اقتضت منه التنقل إلى المستشفى للعلاج، في حين يعاني، تقني الصوت، كريم حنفي، من عدة جروح. وقد تعرّض عتادهم، المقدَّر بأزيد من 140 ألف دولار أمريكي، للتخريب بنسبة 80%.

وسائل إعلام وإعلاميون، ضحية تدخّل السلطات

برز تدخل الحكومة في شؤون وسائل الإعلام المصرية بشكل جليّ في الأيام القليلة الماضية. تقول منظمة مراسلون بلا حدود إن التهديدات التي أطلقها الرئيس مرسي والضغوط الممارسة من قِبَل السلطات المصرية تسير في اتجاه مخالف لحرية الإعلام واستقلالية وسائل الإعلام، الخاصة منها والقومية. وهذا من شأنه أن يدفع الإعلاميِّين نحو ممارسة الرقابة الذاتية.

في السادس والعشرين من شهر يونيو/حزيران 2013، ألقى الرئيس مرسي خطاباً ناريًّا في حق المعارضة والإعلاميين، متوعِّدا الذين يشتمونه بمحاكمتهم أمام القضاء العسكري. كما اتهم وسائل الإعلام الخاصة بتشويه صورته كرئيس، وبالتحريض على العنف وبأنها مموَّلة من طرف رجال النظام السابق.

لم تمر تهديدات الرئيس مرسي في حقّ بعض وسائل الإعلام، خاصة قناتي سي بي سي ودريم، خلال خطاب 26 يونيو/حزيران، مرور الكرام. فقد أصدر وزير الاستثمار يحيى حامد، المكلف بمنح وسحب تراخيص عمل القنوات الفضائية، قراراً تعسفيا بإغلاق قناة الفراعين، التي تبدي معارضة شديدة إزاء الإخوان المسلمين، وذلك لاتهامها بـالإساءة للقوات المسلحة المصرية والتحريض على الانقلاب داخل صفوف الجيش والشرطة. وقد صدر أمر بالإحضار ضدّ مالك القناة توفيق عكاشة، المتهم بـبثّ أخبار تهدد السلم والأمن العام. وكان هذا الأخير قد أدين، في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بالسجن بتهمة التشهير على أساس المادة 179 من قانون العقوبات المصري.

وفي اليوم الموالي بادر وزير الاستثمار إلى إجراء بعض التعديلات على تشكيلة مجلس إدارة المنطقة الإعلامية الحرة، وهي مؤسسة عمومية مكلفة بتقديم الحوافر المالية، والتسهيلات وتمكين المؤسسات الإعلامية من الأقمار الصناعية. وقد خسر بموجب ذلك ممثلو قنوات النهار، دريم وسي بي سي مقاعدهم في المجلس، دون إشعار مسبق. من جهة ثانية مُنِع مالك قناة سي بي سي رجل الأعمال أحمد الأمين من مغادرة البلاد، بعد أن اتهمه الرئيس مرسي، مع مالك قناة دريم، أحمد بهجت، بالتهرب الضريبي خلال خطابه إلى الأمة. ومعروف أن سي بي سي بثت عدة برامج تنتقد فيها الحكومة.

إن إبعاد قنوات النهار ودريم وسي بي سي من مجلس الإدارة ومنع محمد الأمين من السفر إلى الخارج، يعتبران قرارين سياسيين، يكشفان عن نية الحكومة في مراقبة وخنق قطاع الإعلام وتقييد حرية الإعلام. وقد ظهرت هذه النية جلية في خطاب الرئيس مرسي يوم 26 يونيو/حزيران الماضي.

على نفس النهج، أرسل وزير الاستثمار، يوم 28 يونيو/حزيران 2013، إلى القنوات الفضائية مذكرة يعلمها فيها باحتمال غلقها إذا قدّرت الحكومة أن تغطيتها للأحداث تحرض على العنف، أو تسيء إلى الأشخاص أو تتطاول عليهم، أو أنها تسير عكس قيم المجتمع.

في نفس اليوم أعلن المذيع، جمال الشاعر، استقالته من قناة مصر الثانية، منددا بإلغاء برنامجه كلِّم مصر وتدخل الحكومة في تسيير وسائل الإعلام العمومية، من خلال محاولات وزير الإعلام، صلاح عبد المقصود، مراقبة البرامج.

وقد جاءت هذه الاستقالة، بعد احتجاج رئيس تحرير صحيفة الأخبار، محمد حسن البنا، على تدخل بعض رموز حزب الإخوان المسلمين في الخط التحريري للصحيفة.

إن هذا التدخل من قِبل السلطة السياسية كان أيضا عرضة للتنديد من خلال عريضة لموظفي التلفزيون العمومي، دعوا فيها إلى استقالة أحمد عبد العزيز، ممثل الرئيس لدى وسائل الإعلام، إلى الاستقالة واتهموه بالتدخل في سياسة التحرير.

إقرا مقال آخر: عامٌ على وصول محمد مرسي إلى الرئاسة : “مراسلون بلا حدود” قلقة من تراجع حرية الإعلام في مصر

Publié le
Updated on 16.04.2019