ضرورة مراجعة مشروع إصلاح قانون الصحافة


وجّهت مراسلون بلا حدود في 12 تموز/يوليو كتاباً إلى رئيس الوزراء المغربي ادريس جتو عبرت فيها عن قلقها إزاء المحافظة على العقوبات الجزائية في حالة جنح الصحافة في مشروع إصلاح القانون الذي تتم مناشته حالياً في الحكومة. ومع أنه يبدو أن هذا النص ليس بالنسخة النهائية التي ستعرض على البرلمان، إلا أن المنظمة اختارت توجيه تعليقاتها إلى الحكومة المغربية داعية إياها إلى إدخال تعديلات مهمة عليه. وقد ورد في كتاب المنظمة: اعتبرت حكومتكم هذا النص تقدّماً ملحوظاً وتاريخياً في مجال تعزيز حرية التعبير وحرية الصحافة في المغرب. وندرك كل الجهود التي بذلت في سبيل تقدّم المشروع النافذ من خلال إشراك العاملين المحترفين في قطاع الصحافة في النقاشات كما أننا ننوه بالتزامكم الشخصي في هذا المشروع. إلا أننا نحمل اليوم بين أيدينا نصاً يستحيل أن يؤمن الضمانات الضرورية لحماية الصحافيين في المغرب. وتتمثل الناحية الأكثر إثارة للقلق في هذا المشروع بالمحافظة على مواد تلحظ عقوبات بالسجن بحق كل من يرتكب جنح صحافة بالإضافة إلى معظم الأحكام القانونية التي ساهمت في إدانة الصحافيين في الأعوام الأخيرة. ومن أكثر الاتهامات رواجاً في هذا الصدد، إهانة شخص الملك وإهانة قدسية المؤسسات. وتنزل عقوبة بالسجن تتراوح بين عام وخمسة أعوام بحق مرتكبي هذه الجنح. وتبقى هذه المواد تقييدية لأنها، فضلاً عن السجن، تمنح القضاة إمكانية تعليق منشورة أو إقفالها نهائياً. ونرى أنه من الأخطر العدول عن حذف عدد مهم من المواد التي تلحظ عقوبات بالسجن لطالما ادعت بها حكومتكم في حملتها الإعلامية بموجب المادة 100 (الفصل الخامس، الفقرة الخامسة) التي تعيد إدخال هذه العقوبات على مجمل المخالفات المرتكبة بواسطة التكرار. فنحن نرفض هذه المادة التي قد تحمل الصحافيين المدانين لمرة إلى ممارسة الرقابة الذاتية خشية من قضاء أيامهم وراء القضبان. وأضافت المنظمة التي أحصت حوالى 27 مادة تتعارض مع المقاييس العالمية ولا سيما في مجال رفع العقوبات عن جنح الصحافة: جاء نص عدة أحكام بكلمات غامضة تتحمّل عدد كبير من التأويلات مع الإشارة إلى أن بعض المحاظير المبدئية عامة وآلية. وهذه هي حال المادة 85 التي تمنع بشكل حتمي معالجة كل ما يمس بالحياة الخاصة. ولا نخفي قلقنا حيال غياب الضمانة الفعلية لحماية المصادر الصحافية. أما المادة 13 (الفصل الثالث، القسم الأول) فتطرح مشكلة لأن هذه الضمانة ضائعة حيث تعتبر الأكثر إفادة أي أمام المحكمة. وختمت المنظمة بالقول: في النهاية، نعبّر عن قلقنا حيال بعض الامتيازات وأساليب اختيار الأعضاء في المجلس الوطني للصحافة. فقد يتحوّل هذا الجهاز الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في الإطار التأديبي إلى جهاز إضافي يتولى فرض الرقابة على الصحافيين وحرمانهم من حق ممارسة مهنتهم. وقد يقترن هذا الامتياز بتبعات خطرة من شأنها أن تضعف العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي أكثر مما هم عليه اليوم. في العام 2002، طلبت المنظمة إلغاء قانون الصحافة الجديد المعمول به الآن. وبالرغم من بعض النقاط الإيجابية (تخفيف العقوبات الجزائية التي يتعرّض الصحافيون لها، وتقليص قيمة الغرامات، وتلطيف الإجراءات الكفيلة بتأسيس المنشورات، وتبرير المصادرات)، إلا أن هذا النص لا يزال قاسياً. فقد تم الإبقاء على العقوبات بالسجن بحق كل من يقدم على التشهير بالملك والأمراء والأميرات مع الإشارة إلى أنه تم الانتقال من عقوبات السجن المتراوحة بين 5 و20 عاماً في القانون القديم إلى عقوبات تتراوح بين 3 و5 أعوام في القانون الجديد. كذلك، من شأن بعض الأحكام القانونية أن تخوّل الحكومة حظر صحف مغربية أو أجنبية إذا ما كانت المنشورات المعنية تنتهك الدين الإسلامي، أو المؤسسة الملكية، أو سلامة الأراضي، أو النظام العام. وفي غضون خمسة أعوام، سمح هذا القانون للقضاء بإصدار 13 حكماً على الأقل بحق عاملين محترفين في القطاع الإعلامي من دون أخذ الصحافيين الذين حوكموا بموجب القانون المناهض للإرهاب بعين الاعتبار.
Publié le
Updated on 18.12.2017