ضرورة فرض عقوبات على الشركات المتعاونة مع الأنظمة الديكتاتورية

تستنكر مراسلون بلا حدود التعاون الإجرامي القائم بين الشركات الغربية العاملة في مجال التكنولوجيات الجديدة والأنظمة الاستبدادية. تستنكر مراسلون بلا حدود التعاون الإجرامي القائم بين الشركات الغربية العاملة في مجال التكنولوجيات الجديدة والأنظمة الاستبدادية. في هذا الإطار، أعلن أمين عام المنظمة جان - فرنسوا جوليار: لم تعد هذه الشركات تتردد اليوم عن التعاون مع حكومات ضليعة بالإجرام. فإن توفير معدات الاتصالات أو الكشف عن بيانات سرية للأنظمة الديكتاتورية ليعدّ عملاً غير مسؤول في حين أن 122 مدوناً ومستخدم إنترنت يقبعون في السجون في العالم وأن الشركات التي تتعاون مع هذه الحكومات متواطئة ومسؤولة عن مصيرهم. لذا، ينبغي فرض عقوبات مالية على الشركات التي تتعامل مع أي حكومات تسجن المدونين أو تفرض الرقابة على الإنترنت. وأضاف: لن تتوقف هذه الممارسات ما لم تفرض عقوبات مالية. وليس من شركة فوق القانون. وبما أن عدة محاكم مضطلعة بمحاكمة الممارسات التجارية غير المشروعة، لمَ لا تتولى إصدار الأحكام بشأن المسؤولية الجنائية في حال تعاون هذه الشركات مع أنظمة متورطة بارتكاب الجرائم؟ ينبغي إدراج أحكام على المستوى الوطني من أجل معاقبة هذا النوع من التعاون. وعندما تكون هذه الشركات متواطئة بفعل تصرفاتها مع طغاة متهمين بجرائم حرب، يجدر إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. بالأمس، كان العالم يشعر بالقلق إزاء الحصانة التي يتمتع بها الحكام المستبدون. أما اليوم، فبات ينبغي القلق من الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه الشركات. وختم البيان قائلاً: إن حياة الناس معرضة للخطر. فهل يجدر التضحية بها في سبيل الربح؟ يفترض بقادة الشركات العالمية العاملة في مجال التكنولوجيات الجديدة بما في ذلك مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية في ليبيا وسوريا وبورما والصين وتركمانستان وغيرها من الدول الاستبدادية أن يفكّروا في مسؤوليتهم ذلك أن أدواتهم ومعداتهم ودرايتهم الفنية مسخدمة لأغراض إجرامية. تشكل هذه التقنيات محور حرب جديدة: يمكن اعتراض رسائل البريد الإلكتروني، وتسجيل مكالمات سكايب، وتشغيل كاميرات الويب عن بُعد، وتعديل المحتويات الواردة على شبكة الإنترنت، من دون علم المستخدم. لذا، تدعو مراسلون بلا حدود المتصفحين إلى توخي أكبر قدر من الحذر. وتعود المنظمة على ضرورة إصدار قانون يحظر التعاون بين الشركات والأنظمة الديكتاتورية، مثل القانون العالمي للحرية على الإنترنت (GOFA) الأمريكي أو نسخته الأوروبية المقترحة في العام 2008. وعلى غرار تنظيم الاتحاد الأوروبي بشأن تجارة بعض السلع التي يمكن استخدامها لتنفيذ عقوبة الإعدام، والتعذيب، وغيرها من ضروب المعاملة السيئة، بات من الضروري إنشاء قواعد دولية تنظّم عمليات توفير الوسائل التكنولوجية القامعة للحريات والخطيرة للمواطنين الإلكترونيين عبر ضبط تصدير تكنولوجيات معينة وإنشاء هيئة توعية مستقلة وفرض عقوبات رادعة. في الواقع، يجب أن تلجأ الشركات إلى وسيلة انتصاف قانونية ورسمية لمواجهة أي إجراءات قد تجبرها على عرقلة التدفق الحر للمعلومات في دول مثل الصين أو إيران. إن القانون العالمي للحرية على الإنترنت (GOFA) مشروع قانون يتم البحث فيه في الولايات المتحدة لمنع الشركات الأمريكية من التعاون مع دول قمعية تسعى إلى تحويل الإنترنت إلى أداة للرقابة والمراقبة. أما النسخة الأوروبية من مشروع القانون هذا فرفعت في 17 تموز/يوليو 2008 إلى البرلمان الأوروبي من خلال نائب البرلمان الأوروبي الهولندي جول ماتن. وتهدف النسخة الأوروبية إلى الحؤول دون إمكانيات فرض الرقابة على الإنترنت وتنظيم نشاطات الشركات الأوروبية المحتمل أن تكون قامعة للحريات في قطاع الإنترنت. وبهذا، قد تسمح بإنشاء مكتب الحريات على الإنترنت المكلّف مكافحة الرقابة التي تفرضها الحكومات الأكثر قمعية على شبكة الإنترنت وضمان حماية البيانات الشخصية للمستخدمين. أصبحت هذه التدابير من الحاجات الملحة والضرورية اليوم لا سيما أن الشركات المتعاونة مع الحكومات آخذة في الازدياد. ففي أيار/مايو 2011، أشار نيكولاي بريانيشنيكوف، رئيس مجلس إدارة مايكروسوفت روسيا، بشأن إعادة شراء سكايب، إلى أنه على استعداد لتزويد الأجهزة الأمنية الروسية برموز برمجيات خدمات الاتصال الهاتفي عبر الإنترنت، مع أن مايكروسوفت من أبرز أعضاء مشروع مبادرة الشبكة العالمية الذي يضمّ شركات خاصة وصناديق استثمار وجمعيات للدفاع عن الحريات. وبعيداً عن مبادئ مشروع مبادرة الشبكة العالمية، يبدو أن عدة شركات أخرى تنوي غزو أسواق جديدة: فقد استسلمت بول، ونوكيا، وبلوكوت، ونتفيرمز، وحتى سيسكو، أمام إغراء الربح. وبناء عليه، تستعرض مراسلون بلا حدود هذه الممارسات القامعة للحريات. ليبيا، بول (فرنسا) وبوينغ (الولايات المتحدة) منذ العام 2009، قدّمت شركة أميسيس الفرنسية التابعة لشركة بول إلى العقيد معمر القذافي معدات لمراقبة شبكة الإنترنت. وزوّدت السلطات بنظام يعرف بنظام إيغل الذي يسمح باعتراض رسائل البريد الإلكتروني على هوتمايل وجيمايل وياهو بالإضافة إلى رصد الرسائل الفورية عبر أم أس أن وأي آي أم. وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، تم العثور على عدة ملفات تحتوي على مكالمات هاتفية ودردشة بين المعارضين على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بأجهزة الاستخبارات الليبية. ويشتبه أيضاً بأن تكون بوينغ وشركتها ناروس المتخصصة في برامج الحماية ضد هجمات الإنترنت بالتعاون مع السلطات الليبية. ولكن الشركة نفت هذه المزاعم. سوريا وبلوكوت (الولايات المتحدة) أجرت تيليكوميكس وفهيم وريفلي إنفو في آب/أغسطس 2011 دراسة حول البنية التحتية السورية للرقابة، كاشفة عن أن عمليات الخداع وحجب المواقع كانت تتم بالتعاون مع شركة بلوكوت الأمريكية. فإذا بكلمات السر لمستخدمي ياهو وأم أس أن وفايسبوك كما اتصالاتهم الخاصة تسجَّل بالتواطؤ مع الشركة التي يزعم أنها زوّدت الحكومة بما لا يقل عن وسيلتين تكنولوجيتين: تقنية ديب باكت إنسبكشن (DPI) التي تسمح باعتراض كل أنواع الاتصالات مثل رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والصور والرسائل المنشورة على الشبكات الاجتماعية (فايسبوك وتويتر وغيرهما)، وتقنية خادم (بروكسي) الترشيح. البحرين وشبكة نوكيا سيمنز (فنلندا) إن شبكة نوكيا سيمنز (NSN) متهمة بالتعاون مع السلطات لتوفير بيانات شخصية متواجدة في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بناشطين حقوقيين. فيشير الناشط عبد الخنجر إلى أنه في أثناء فترة احتجازه (من آب/أغسطس 2010 إلى شباط/فبراير 2011)، كانت قوات الأمن تحتفظ بكمية هائلة من المعلومات بشأنه وهي معلومات يرى أنها مستقاة من رسائل شخصية بعثها من هاتفه. وينطبق هذا الواقع على العشرات من الناشطين الآخرين علماً بأن عدة موظفين من شركة نوكيا، طلبوا عدم ذكر اسمهم، أكدوا هذا التعاون. وقد أفاد مدير مركز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هيئة تنظيم الاتصالات في البحرين أحمد الدوسري بأنه إذا كانت الشرطة تملك هذه المعلومات، فلا يمكن أن تجمعها إلا بأدوات اعتراض رسائل المستخدمين وبياناتهم التي تقدمها نوكيا. يمكن فتح تحقيق في هذا الصدد على المستوى الأوروبي. أشار المتحدث باسم شركة نوكيا السيد روم إلى أنه يدرك أنه يمكن استخدام تقنيات الاتصال بشكل لائق وسيئ على حد سواء. ولكن مراسلون بلا حدود تعرب عن أسفها لعجز هذه الملاحظة عن تغيير استراتيجية عمل الشركة. في العام 2009، قدّمت نوكيا وسيمنس برمجيات لمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية إلى إيران. وقد أكدت نوكيا بيعها هذه الوسيلة التكنولوجية القائمة على نظام ديب باكت إنسبكشن (DPI). تايلاند ونتفيرمز (كندا) زوّدت شركة نتفيرمز الكندية التي يقع مقرها في الولايات المتحدة السلطات التايلاندية بمعلومات عن مواطن أمريكي يدعى أنطوني تشاي سمحت بتحديد مكانه. وإثر هذا التعاون بين الشركة والحكومة، اعتقل الرجل في مطار بانكوك حيث استجوبته الشرطة وحتى بعد عودته إلى الولايات المتحدة. وفي 24 آب/أغسطس، تقدّم أنطوني تشاي بشكوى ضد الشركة وهو كان يدير بصفة مجهولة مدوّنة Manusaya.com المؤيدة للديمقراطيين باللغة التايلاندية وتستضيفها شركة نتفيرمز. وبناء على طلب السلطات، تم تعليق حسابه وأطلعت الشركة الحكومة التايلاندية على بريده الإلكتروني ومعرّفه الرقمي من دون تبليغ المدوّن. فما كان من السلطات إلا أن حذّرت أنطوني تشاي من اعتقاله على خلفية ارتكابه جريمة المس بالذات الملكية إذا ما عاد إلى تايلاند. الصين وشركة سيسكو (الولايات المتحدة) إن شركة سيسكو الأمريكية للتجهيزات المعلوماتية متهمة بتزويد الصين منذ العام 2007 بنظام لفرض الرقابة يعرف بـالدرع الذهبي الذي يسمح بالعثور على المعارضين السياسيين، وتركيبه وتطويره. وقد أودعت شكويان في هذا الصدد، تقدّمت بأحدهما حركة فالون غونغ الصينية في 19 أيار/مايو 2011 أمام محكمة سان خوسيه في كاليفورنيا، فيما رفع الثانية المواطنون الإلكترونيون ليو شانبين ودو داوبين وزو يانزي وعشرة أشخاص آخرين في حزيران/يونيو 2011 أمام محكمة ولاية ماريلاند. وتشدد الدعويان على دور التكنولوجيا التي تبيعها شركة سيسكو في قمع المعارضة السياسية في الصين، وبالتالي اعتقال عناصرها وتعذيبهم. بيد أن شركة سيسكو نفت أي تورط لها في حملة القمع الصينية في مقال نشره على مدونة الشركة نائب الرئيس مارك تشاندلر: لم نعمل يوماً على تكييف معداتنا لمساعدة الحكومة الصينية - أو أي حكومة أخرى - بغية فرض الرقابة على المحتوى ومراقبة تصفّح الأفراد الإنترنت واعتراض الاتصالات. ولكن سيسكو لا تستطيع نفي تزويدها الحكومة بحلول أمنية مثل تقنية ديب باكت إنسبكشن (DPI) التي تسهّل مطاردة المخالفين الإلكترونيين.
Publié le
Updated on 18.12.2017