\"شيراتون غايت :\" قاضي التحقيق يستمع إلى المدوِّنة التونسية ألفة الرياحي

تزامنا مع مرور الذكرى الثانية للثورة التونسيةـ تتابع منظمة مراسلون بلا حدود باهتمام مسار التحقيق القضائي، الذي أذنت به النيابة العامة، ويستهدف المدوِّنة ألفة الرياحي، إثر نشرها على مدوَّنتها الخاصة معلومات، حصلت عليها إثر تحقيق استقصائي، تطعن في استقامة وزير الشؤون الخارجية التونسي. وكان التحقيق الذي نشرته المدوِّنة والذي يتطرق إلى الاستعمال غير القانوني للمال العام من طرف وزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام، قد أثار في نهاية عام 2012 ضجة كبرى وصار يعرف اصطلاحا باسم فضيحة الشيراتون أو الشيراتون غايت.

بعد يومين من فتح النيابة العامة بحثا تحقيقيا، يوم 31 ديسمبر / كانون الأول 2012، أضيفت إلى الملف الدعوى القضائية التي رفعها محامو وزير الشؤون الخارجية ضد شخص ألفة الرياحي وفق الفصل 86 من مجلة الاتصالات، والفصلين 89 و90 من القانون الأساسي 63-2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، والفصول 126، 148 و253 من المجلة الجزائية، وأخيرا الفصل 54 من المرسوم 115-2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر.

وكانت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة قد استمعت يوم الثلاثاء 15 يناير / كانون الثاني الجاري إلى ألفة الرياحي كشاهدة، لا كمتهمة مثلما سبق الإعلان عنه. فبعد أن كانت في البداية متهمة، وفقا للدعوى التي رفعها فريق دفاع وزير الشؤون الخارجية، أثبت محاموها عددا من العيوب في الإجراءات الشكلية وأقنعوا قاضي التحقيق باستجواب موكِّلتهم وفقا للفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينص على أن لوكيل الجمهورية إزاء شكاية لم تبلغ حـــدّ الكفاية من التعليل أو التبرير أن يطلب إجراء بحث، مؤقتا، ضــدّ مجهول بواسطة حاكم التحقيق إلى أن توجَّه تُهَمٌ أو تصدُر عند الاقتضاء طلبات ضــد شخص معيـــن. ورغم أنها تعتبر إلى حد الساعة كشاهدة، فإن ألفة الرياحي تظل ممنوعة من السفر خارج البلاد. وعليه فإن منظمة مراسلون بلا حدود تطالب برفع هذا المنع فوراً.

وترى المنظمة أن كل التهم التي تضمنتها شكوى الوزير تحيل إلى عقوبات بالسجن. ومن شأن تراكم العقوبات أن يفضي إلى عدة أعوام من السجن، وهو ما يعدّ انحرافا حقيقيا. لقد اتخذ هذا التحقيق انطلاقة ضالة بأن أخطأ في الهدف، وهو ما يثبت للأسف أن رفع تجريم جنح الصحافة لا يزال غير مدرج في جدول الأعمال في تونس. والحال أن على القضاء التونسي أن يضع في الحسبان أن ممارسة حرية التعبير، في الديمقراطية، لا يمكن أن تقود إلى السجن، ولو ثبت وجود تعسف.

إن منظمة مراسلون بلا حدود تستنكر بشدة اللجوء إلى مجلة العقوبات ومجلة الاتصالات وإلى القانون الأساسي لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، في الوقت الذي ينص فيه الفصل 13 من المرسوم 115-2011 (قانون الصحافة الجديد) على أنه لا تجوز مساءلة أي صحافي بسبب عمله، إلا إذا ثبت إخلاله بالأحكام الواردة في هذا المرسوم. وعليه فإن منظمة مراسلون بلا حدود توصي بإضفاء الطابع الحصري للمرسوم 115-2011، بالإضافة إلى إلغاء جميع الأحكام المخالفة لهذا النص القانوني. وحتى يتحول القضاة إلى تطبيق مرسوم القانون الجديد، المجهول على نطاق واسع، فإن المنظمة تحثّ وزارة العدل على نشر تعميم لهذه الغاية.

وقال كريستوف دولوار، الأمين العام للمنظمة، في تصريح لا نعتقد أن الصحافيين والمواطنين الصحافيين يَعلون على القانون، لكننا مقتنعون أن هناك قوانين تلائم وظيفتهم الإعلامية. إن المنطق القمعيَّ والخلطَ الحاصل بين جنح الصحافة وجرائم القانون العام، الموروثَيْنِ من العهد الديكتاتوري، لا يزالان حاضرَين في أذهان الذين يطبقون العدالة.

إن رؤية قاصرة لمرسوم القانون 115-2011 من شأنها أن تحرم ألفة الرياحي من الحماية التي يوفرها هذا القانون. ومن شأن هذا الرؤية أن تكون متحيزة. من جهة فإن التطبيق المجزأ لمرسوم القانون 115-2011، لا يزال يجعل منح بطاقات الصحفي المحترف غير خاضع لأحكام القانون الجديد، ومن جهة ثانية فإنه لا يخفى على المدعي العام أن المهمة الإعلامية التي تؤديها ألفة الرياحي، بصفتها مواطنة صحافية، ثابتة. وقد سبق للمنظمة، في تحليلها لمرسوم القانون 115-2011، أن أشارت إلى الطابع القاصر الوارد فيه حول هذه المسألة، مشددة على أنه إذا كانت بطاقة الصحافة شرطا إداريا للحصول على لقب صحافي، فينبغي أن لا يحرم (هذا الشرط) شخصا يؤدي مهمة إعلامية من الحماية.

على مرسوم القانون 115-2011 أن يستوعب مجال حرية التعبير ويشكّل حدا أدنى من حماية الصحافيين والمواطنين الصحافيين التونسيين.

Publié le
Updated on 16.04.2019