سوريا: مراسلون بلا حدود تدعو السلطات الجديدة إلى اتخاذ سبعة إجراءات ذات أولوية لتنفيذ تعهداتها المتعلقة بحرية الصحافة
في مطلع عام 2025، وعد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال في سوريا بالعمل من أجل تفعيل حرية الصحافة في البلاد. وإذ ترحب مراسلون بلا حدود بهذا الالتزام، فإنها تُذكر السلطات الجديدة بمسؤولياتها تجاه الصحفيين المختطفين والقتلى والمخفيين منذ بداية الثورة خلال عام 2011، داعية في الوقت ذاته إلى تنفيذ سبع توصيات ذات أولوية، مع تحرير الصحفيين العشرين الذين مازالوا محتجزين لدى فصائل الثورة.
العمل من أجل تشجيع "صحافة حرة" والتعهد بضمان "حرية التعبير" هي ضمن الوعود التي أطلقها وزير الإعلام السوري الجديد محمد العمر في تصريح أدلى به لوكالة فرانس برس بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني 2025، وذلك في خطوة مبشرة بالنسبة للصحفيين الذين عانوا شر معاناة في البلاد التي تقبع في المرتبة 179 من أصل 180 دولة على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود خلال عام 2024.
لكن رغم هذا الموقف المشجع، لم تتخذ بعد الحكومة الانتقالية الجديدة التي شكلها ائتلاف فصائل الثورة بقيادة هيئة تحرير الشام أي إجراءات عاجلة في هذا الصدد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، إذ من المفترض أن تكون قد أفرجت عن جميع الفاعلين الإعلاميين المحتجزين منذ اندلاع الثورة عام 2011، والذين لا يزال 20 منهم على الأقل أسرى لدى فصائل الثورة المسلحة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، ناهيك عن إنصاف الصحفيين السبعة الذين تُتهم هيئة تحرير الشام بقتلهم. يُذكر أن سوريا شهدت مقتل ما لا يقل عن 283 صحفياً أثناء قيامهم بعملهم منذ بدء الثورة عام 2011، علماً أن 181 منهم لقوا حتفهم على يد نظام الأسد وحلفائه، بحسب الأرقام التي توصلت إليها مراسلون بلا حدود. ولذا يجب أن يُقدَّم إلى العدالة الرئيس المخلوع وجميع المسؤولين عن هذه الجرائم.
"إن تصريحات وزير الإعلام الجديد بشأن حرية الصحافة مشجعة، حيث طال انتظار حصول الصحفيين على الحرية في هذا البلد، علماً أن سقوط نظام بشار الأسد القمعي يوفر فرصة تاريخية لضمان حرية وسلامة الفاعلين الإعلاميين، مع صون حق الشعب السوري في الوصول إلى المعلومات، وهو ما من شأنه أن يتيح للبلاد إمكانية مغادرة المرتبة ما قبل الأخيرة التي تحتلها على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود. وفي هذا الصدد، ندعو السلطات الجديدة إلى تنفيذ توصياتنا لتحقيق هذا التعهد، بدءاً بالإفراج عن الصحفيين الذين لا يزالون محتجزين لدى فصائل الثورة.
توصيات مراسلون بلا حدود السبع للسلطات الجديدة من أجل حرية الصحافة في سوريا:
1- تسليط الضوء على مصير الصحفيين ضحايا نظام الأسد وإنصافهم: إماطة اللثام عن مصير الصحفيين الخمسة والعشرين الذين تعرضوا للإخفاء أو الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد نظام بشار الأسد، ومازالت أخبارهم منقطعة منذ سقوط النظام، إلى جانب الاحتفاظ بجميع الأدلة على جرائم قتل الصحفيين الـ 181 المنسوبة إلى نظام بشار الأسد وحلفائه منذ عام 2011، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة بموجب المعايير الدولية.
2- وتحرير الصحفيين وإحقاق العدالة للصحفيين ضحايا فصائل الثورة: إطلاق سراح الصحفيين العشرين المحتجزين بدأً من العام 2011 لدى فصائل الثورة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، مع إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في جرائم قتل الصحفيين الـ 19 المنسوبة إلى المجموعات المسلّحة منذ عام 2011، ومن بينها 7 منسوبة إلى هيئة تحرير الشام، مع تقديم جميع الفاعلين المتورطين في هذه الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين إلى العدالة، مع احترام سيادة القانون.
3- العثور على الصحفيين الرهائن، وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين وتقديمهم إلى العدالة: تسليط الضوء على مصير الصحفيين العشرين الذين اختطفهم تنظيم الدولة الإسلامية عام 2013 ومحاكمة مرتكبي جرائم قتل الصحفيين الـ 22 المنسوبة إلى هذه الجماعة بموجب المعايير الدولية، فضلاً عن تحديد ومحاكمة المسؤولين عن جرائم القتل التي لم تنكشف ملابساتها بعد، والتي راح ضحيتها 53 صحفياً، إلى جانب إنصاف الصحفيين الستة الذين يُعتقد أنهم قُتلوا جراء غارات الجيش التركي، وصحفي آخر يُنسب مقتله إلى قوات سوريا الديمقراطية عام 2012، مع فتح تحقيق في ملابسات مقتلهم، والعمل مع جميع الجهات الفاعلة الوطنية لضمان الإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين في سوريا، بمن فيهم الصحفي المختفي قسراً حتى الآن في إقليم روج آفا - كردستان سوريا الواقع شمال شرق البلاد.
4- حماية الصحافة والسماح بممارستها: حماية الصحفيين، المحليين والدوليين، ومنع الاعتداء عليهم مع الحيلولة دون أي عرقلة لعملهم، وكذلك تيسير دخول الصحفيين إلى البلاد وتنقلهم داخلها، بمن فيهم مراسلو وسائل الإعلام الدولية.
5- وضع حد لجميع العقبات التي تعرقل العمل الصحفي: إنهاء كافة التدابير والممارسات، التي تعيق عمل الصحفيين ووسائل الإعلام، وخاصة ممارسات الرقابة والتجسس على الفاعلين الإعلاميين والصحفيين ومصادرهم، سواء من قبل الجماعات الحكومية أو غير الحكومية.
6- ضمان بيئة إعلامية حرة ومتنوعة: حماية كافة الفاعلين الإعلاميين ووسائل الإعلام من التخويف والتمييز وجميع أشكال الضغط بغض النظر عن الخطوط التحريرية أو الآراء أو العرق أو الجنسية أو الدين أو الجنس أو الجنسانية.
7.ضمانات قانونية لحرية الصحافة والحق في الحصول على المعلومات: الحرص على أن ينص الدستور على حرية الصحافة والحق في الحصول على المعلومات وفقاً للمعايير الدولية والتوصيات الصادرة عن الجهات الفاعلة المحلية ذات الصلة، من وسائل إعلام وجماعات معنية بالدفاع عن حرية الصحافة مثل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، شريك منظمة مراسلون بلا حدود في سوريا. وتشمل هذه التوصيات ضمان حرية التعبير وحرية الإعلام والتعددية الإعلامية واستقلالية وسائل الإعلام، بما في ذلك حماية المصادر والصحفيين، والحماية من التجسس عليهم، وصون حرية الوصول إلى المعلومات.