حياة الصحفيين معرضة للخطر في تغطية أحداث غزة

ببالغ الأسى والحزن، تلقت مراسلون بلا حدود خبر مقتل الصحفي الفلسطيني الشاب خالد حمد عن عمر يناهز 26 سنة. فقد فارق مصور وكالة ذي كونتينيو الحياة متأثراً بجروحه يوم 20 يوليو\\تموز 2014 حيث كان يقوم بإعداد تقرير عن الهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد سيارات الإسعاف الفلسطينية. كما سبق أن أصيب إعلاميون آخرون جراء غارات إسرائيلية استهدفت وسائل إعلام محلية.

 قالت فرجيني دانغل، نائبة مديرة الأبحاث في منظمة مراسلون بلا حدود، إننا ندين بشدة عمليات القصف التي يستهدف من خلالها الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم عدد من الصحفيين. كما نُذكر بمضامين القرار 1738 الصادر عام 2006 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومقتضيات اتفاقيات جنيف، التي تُلزم جميع أطراف النزاع بضمان سلامة الصحفيين.

 منذ بداية عملية الجرف الصامد على قطاع غزة، قُتل 583 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين، بينما توفي سبعة وعشرين جندياً إسرائيلياً، علماً أن يوم 20 يوليو\\تموز 2014 شهد مقتل أكثر من 140 فلسطينياً جراء القصف الذي شنه الجيش الإسرائيلي على حي الشجاعية بضواحي مدينة غزة.

وفي صباح يوم 22 يوليو\\تموز، وجه الجيش الإسرائيلي طلقات تحذيرية استهدفت مكاتب قناة الجزيرة القطرية، التي تقع على الطابق الحادي عشر بأحد مباني غزة. وجاء ذلك في أعقاب تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان الذي أعرب عن نيته في وقف أنشطة المحطة التلفزيونية في إسرائيل، بتهمة أنها تدعم الإرهاب، حيث طرح بعض علامات الاستفهام بشأن تمويل قناة الجزيرة من قبل قطر، باعتبار هذه الأخيرة الممول الرئيسي للإرهاب في الشرق الأوسط.

وفي يوم 20 يوليو\\تموز كان خالد حمد، مصور تلفزيوني لوكالة ذي كونتينيو، ينجز تقريراً عن الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي في العاشر من يوليو\\تموز ضد سيارات الإسعاف التي تهب لإنقاذ المصابين الفلسطينيين ،حيث كان يرتدي خوذته وسترته الواقية من الرصاص وعليها ختم الصحافة عندما كان برفقة طاقم الإسعاف الذي أطلقت عليه دبابة إسرائيلية قذيفة تسببت في إحراق السيارة وإصابة الصحفي بجروح بليغة، حيث استعصى نقله إلى المستشفى ليفارق الحياة بعد ساعات قليلة متأثراً بجراحه.

 وفي يوم 9 يوليو\\تموز، قُتل حمدي شهاب، سائق وكالة ميديا 24 للأنباء، جراء غارة جوية إسرائيلية لدى عودته إلى مقر عمله بعد الإفطار، حيث كان على متن سيارة صحافة تحمل ختم TV.

وفي 20 يوليو\\تموز، أصيب مصور ميدي1 تيفي، كريم الترتوري، إثر غارة جوية إسرائيلية. فبينما كان يحاول مغادرة المبنى حيث يقع مقر القناة، استهدف صاروخ آخر الطابق الثاني حيث يوجد مكتب ميدي 1 تيفي، مما تسبب في إصابته بجروح استدعت نقله إلى المستشفى

 وفي 18 يوليو\\تموز، أصيب مصور الوطنية للإعلام، محمد شباب، في ذراعه جراء غارة استهدفت برج الجوهرة، حيث مقر مؤسسة الإنتاج المحلية، علماً أن الهجوم أتى أيضاً على عدد من وسائل الإعلام المحلية الأخرى التي تتخذ من البرج مقراً لها

 وفي 16 يوليو\\تموز 2014، استهدف الجيش الإسرائيلي برج داوود بحي الرمال في غزة، حيث توجد مكاتب العديد من وسائل الإعلام المحلية. وعلى إثر ذلك الهجوم، أصيب صحفيان من راديو صوت الوطن، أحمد العجلة وطارق حمدية اللذين نقلا إلى المستشفى، بينما أوقفت المحطة الإذاعية بث برامجها بسبب الأضرار الناجمة عن القصف.

 حرب إعلامية

 يشكل هذا الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة فرصة لحرب إعلامية (وتضليلية) جديدة، ولاسيما على الشبكات الاجتماعية، حيث إن بعض وسائل الإعلام والصحفيين يعربون علناً عن موقفهم من لجوء إسرائيل إلى استخدام القوة العسكرية، في حين يُتهم آخرون بالتحيز إما بسبب مواقفهم الثابتة أو المفتعلة.

 ففي يوم 17 يوليو\\تموز 2014، قررت قناة إن.بي.سي الأمريكية سحب مراسلها أيمن محي الدين من غزة ليحل محله زميله ريتشارد إنجلز في تغطية الأحداث على الميدان. وبررت إدارة المحطة التلفزيونية ذلك القرار بـأسباب أمنية، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. بيد أن هذا الصحفي المخضرم الذي سبق له العمل مراسلاً لشبكة سي.إن.إن والجزيرة، والذي يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية، وقف شاهداً بأم عينه على القصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة أربعة أطفال فلسطينيين على شاطئ غزة، يوم 16 يوليو\\تموز.. وقد انهالت عليه الكثير من الانتقادات بسبب التقرير الذي أعده عن مقتل أولئك الأطفال، حيث اعتبره البعض متحيزاً للفلسطينيين. كما انتُقد بسبب انهماكه في تغطية ذلك الحادث، بعدما نشر على حسابه الخاص في تويتر وإينستاجرام العديد من الصور التي تُظهر عائلات الضحايا. وفي 2 يوليو\\تموز، نشر تغريدة يتهم فيها الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار عمداً على الصحفيين. وفي 18 يوليو\\تموز، قررت إدارة إن.بي.سي سحب مراسلها في غزة بدءاً من اليوم التالي، لتتوالى الرسائل على الشبكات الاجتماعية متهمة القناة بالرقابة والتعتيم.

بدورها، قررت إدارة سي.إن.إن الأمريكية إبعاد مراسلتها ديانا ماجناي عن تغطية أحداث غزة، بسبب تغريدة نشرتها الصحفية يوم 17 يوليو\\تموز بعد اتصال مباشر عبر الأقمار الصناعية من تلة في مستوطنة سديروت الإسرائيلية، حيث سُمعت أثناء البث الحي أصوات الإسرائليين يبتهجون بمنظر القنابل وهي تسقط على قطاع غزة. وكتبت ماجناي في التغريدة، التي سُحبت على الفور: الإسرائيليون على تلة سديروت يصفقون ويبتهجون عندما تنزل القنابل على غزة. إنهم يهددون بتدمير سيارتنا إذا قلنا كلمة خاطئة. حثالة... وعقب هذه التغريدة، تم نقل الصحفية إلى موسكو، حيث أوضح مسؤول عن قناة سي.إن.إن في مقابلة مع هافينغتون بوست إن ماجناي تلقت - قبل وأثناء ظهورها على الهواء مباشرة - تهديدات من الإسرائيليين الحاضرين على الموقع، مضيفاً أنها نشرت تلك التغريدة تحت تأثير المشاعر.

هذا وتتبرأ الحكومة الإسرائيلية من أية مسؤولية عن سلامة الصحفيين الأجانب الذين يغطون الهجوم العسكري ، حيث ذكر بعض الإعلاميون الأجانب أنهم تلقوا رسائل من السلطات الإسرائيلية تحذرهم من إمكانية استعمالهم كدروع بشرية من قبل حماس، كما جاء في حساب تويتر الخاص للصحفية صوفيا جونز مراسلة هافينغتون بوست في الشرق الأوسط.

 وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي، يُجبَر الصحفيون على التسجيل لدى مكتب الإعلام الحكومي بمجرد دخولهم إلى الأراضي الإسرائيلية مع إلزامهم بالتوقيع على وثيقة يعلنون فيها صراحة أنهم على علم تام بالمخاطر التي يواجهونها والتعهد بعدم تحميل الجيش الإسرائيلي أية مسؤولية في حال حدوث ضرر أو إصابة ناتجة عن العمليات العسكرية في قطاع غزة، مما يبرئ إسرائيل من أية متابعة قانونية في هذا الصدد.

Publié le
Updated on 16.04.2019