حكومة المالكي تُصعد الضغوط على وسائل الإعلام العراقية
تدين مراسلون بلا حدود الإجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية في الآونة الأخيرة، حيث أقدمت على إغلاق قنوات عراقية في مصر مشددة الخناق بشكل متزايد على وسائل الإعلام المحلية.
بعد إسبوعان على عملية المداهمة التي قامت بها الشرطة في عمان بتاريخ 9 يونيو\\حزيران 2014، مستهدفة قناة العباسية العراقية المعروفة بمعارضتها لرئيس الوزراء نوري المالكي، عادت حكومة بغداد لممارسة الأسلوب نفسه، ولكن في مصر هذه المرة.
ففي يوم 18 يونيو\\حزيران 2014، أعلنت السلطات المصرية إغلاق قنوات البغدادية , الرافدين و الحدث التي تبث برامجها من مصر عبر القمر الصناعي نايل سات. ويأتي هذا القرار على خلفية الشكوى التي رفعتها وزارة الاتصالات العراقية إلى الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي التي تستضيف مقر البغدادية والرافدين في المنطقة الحرة الإعلامية، متهمة القنوات بنشر معلومات تسيء إلى قوات الأمن والوحدة الوطنية العراقية.
وقبل بضعة أيام، وبالضبط في 16 يونيو\\حزيران 2014، اقتحم أفراد من قوات الأمن العراقية – بالزي المدني ودون أمر قضائي - مقر البغدادية في بغداد، حيث دمروا بعض الممتلكات وسرقوا بعض المعدات وهاجموا بعنف حراس القناة. وفي شهادة أدلى بها مصدر أمني للمحطة التلفزيونية، قد يكون نائب وزير الداخلية عدنان الأسدي هو من يقف وراء هذه العملية. هذا وقد ذكر شهود عيان أن سيارتين عسكريتين كانتا ضمن السيارات التي أقلت عناصر قوات الأمن إلى مقر البغدادية.
يُذكر أن قناة البغدادية كانت قد أوقفت أنشطتها في العراق بشكل رسمي يوم 25 نوفمبر\\تشرين الثاني 2010، بعدما أغلقت هيئة الإعلام والاتصالات جميع مكاتبها في البلاد. وفي أبريل\\نيسان 2014، سُمح لها مرة أخرى باستئناف أنشطتها في العراق بموجب حكم قضائي.
وأمام تكرار أساليب الترهيب هذه، أعلن عون حسين الخشلوك، مالك القناة ورجل الأعمال الذي يحمل الجنسيتين العراقية واليونانية والمعروف بمعارضته الشديدة لرئيس الوزراء الحالي، وقف أنشطة البغدادية بشكل نهائي يوم 19 يونيو\\حزيران.
وفي هذا الصدد، قالت فرجيني دانغل، نائبة مديرة قسم الأبحاث في منظمة مراسلون بلا حدود إننا ندين بشدة القيود التي تحاول الحكومة العراقية فرضها على وسائل الإعلام، حيث اتخذت سلسلة من التدابير دون أي أساس قانوني ضد وسائل الإعلام المعارضة لسياسة نوري المالكي. كما أن بلدان المنطقة متواطئة في هذا التصعيد من خلال رضوخها للضغوط. وفي المقابل، يجب على وسائل الإعلام والعاملين في الحقل الصحفي التحلي بالاستقلالية والمهنية، من أجل الاضطلاع بدورهم المتمثل في مراقبة السلطة، مع الحرص على عدم تأجيج التوترات والخلافات السياسية والطائفية.
بيئة عكرة
إن الأزمة السياسية والأمنية التي يتخبط فيها العراق تؤثر بقوة في المجتمع العراقي، مما ينعكس بالتالي على وسائل الإعلام العراقية، سواء تلك التي تبث برامجها من الداخل أو تلك التي تتخذ من الخارج مقراً لها.
ولكن بسبب التسييس المفرط والاستقطاب الشديد اللذين تشهدهما البلاد، فإن الإعلام العراقي - بصحفييه ومؤسساته - يُعتبر طرفاً وضحية في هذا الوضع المتدهور. ففي 15 يونيو\\حزيران تظاهر عدد من الصحفيين في كربلاء (100 كم جنوب غرب بغداد) لمطالبة السلطات المحلية بتجنيدهم لتعزيز صفوف الجيش العراقي في الحرب ضد الغزو الإرهابي.
من جانبها، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات يوم 18 يونيو\\حزيران 2014 قائمة تتضمن توجيهات وإرشادات يتعين على وسائل الإعلام اتباعها من الآن فصاعداً، حيث بات ممنوعاً على الصحفيين إجراء مقابلات مباشرة مع شخصيات مطلوبة للقضاء أو بث رسائل الجماعات المسلحة.
وبذلك تعتزم الحكومة اختزال المعارضة المسلحة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، متفادية الإشارة بشكل واضح إلى وقوف بعض المقاتلين البعثيين أو حتى بعض العشائر السنية بجانب قوات داعش.
وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الاتصالات قطع الانترنت في العديد من المحافظات، بما فيها الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك، مما حرم المواطنين العراقيين من الوصول إلى وسائل الإعلام الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر ويوتيوب. وقد فسرت الوزارة هذا الإجراء باعتباره احترازياً ومؤقتاً، حيث يهدف إلى منع العدو من نشر معلومات كاذبة في وضع أمني مقلق للغاية.
كما تُذكر مراسلون بلا حدود أن وزارة الاتصالات العراقية طلبت من مزودي الإنترنت حجب بعض مواقع الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر ويوتيوب، بالإضافة إلى خدمات أخرى مثل سكايب أو فايبر أو واتس آب.
هذا ولا يزال المسلحون يسيطرون على وسائل الإعلام في محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين، علماً أن مقاتلي داعش أحرقوا مقر قناة كوردسات نيوز بحي التأميم في مدينة الموصل يوم 16 يونيو\\حزيران 2014.
وفي 15 يونيو\\حزيران 2014، هاجمت هذه الجماعة المسلحة بيت شقيق علي الحمداني، مراسل فضائية الفيحاء الشيعية في محافظة صلاح الدين (170 كم شمال العاصمة)، علماً أن عائلته كانت قد غادرت المنزل منذ أيام بعد تلقي عدة تهديدات.