تعذيب نزيهة سعيد لتغطيتها التظاهرات الداعية إلى الديمقراطية

إن نزيهة سعيد هي مراسلة فرانس 24 وراديو مونتي كارلو الدولية في البحرين. استدعيت يوم الأحد الواقع فيه 22 أيار/مايو 2011 حوالى الساعة 12:30 للاستجواب. وعندما ذهبت إلى مركز شرطة الرفاع ظناً منها أنها ستعود بعد ساعتين، لم تكن تتصوّر أن كابوساً في انتظارها.
إن نزيهة سعيد هي مراسلة فرانس 24 وراديو مونتي كارلو الدولية في البحرين. استدعيت يوم الأحد الواقع فيه 22 أيار/مايو 2011 حوالى الساعة 12:30 للاستجواب. وعندما ذهبت إلى مركز شرطة الرفاع ظناً منها أنها ستعود بعد ساعتين، لم تكن تتصوّر أن كابوساً في انتظارها.

لدى وصولها، انتظرت بصمت جالسةً على كرسي فيما كانت نساء أخريات، معظمهن من الممرضات، ينتظرن بصبر على الأرض.

بعد ساعة، تمت مناداة الشابة. فدخلت مكتباً يشغله رجل. وبصوت هادئ ولكن مقلق، أفهمها بأنها ستضطر للإجابة على أسئلة ستوجه إليها. ثم، تركها وحدها مع ضابطة أخذت تتهمها بـالكذب في تقاريرها وتأمرها بالاعتراف بعلاقتها بقناة حزب الله المنار وقناة الجمهورية الإسلامية الإيرانية العالم. أمرتها الضابطة غير مرة: يجب أن تعترفي! قبل أن تتهمها بالمشاركة في المظاهرات منذ آذار/مارس. وبعد ساعة، نقلت نزيهة إلى مكتب آخر حيث بدأت ضابطة بتوجيه الإهانات إليها. ولدى تجاهل المراسلة ما كانت تتقدّم به، أمسكت بذقنها وراحت تشدّ بقوة بيد وتصفعها بالأخرى. لم تتوقف الشرطية عن الصراخ يجب أن تقولي الحقيقة من دون أن تتوقف عن صفعها قبل أن تمسكها من شعرها وتلقي بها أرضاً. وانقضّت أربع شرطيات عليها ركلاً وضرباً ولكماً. فكل الوسائل كانت مباحة. وقد قامت إحداهن بحمل حذاء الصحافية ووضعه في فمها قائلة لها: أنتِ لا تساوين أكثر من هذا الحذاء.

بعد ذلك، اقتيدت نزيهة إلى مكتب آخر فيما كان الحذاء لا يزال في فمها. وظلت واقفة لفترة. فعصبت عيناها وأجبرت على أن تركع على كرسي، وجهها نحو المسند وظهرها وقدماها مكشوفة. فإذا بالضربات تنهال عليها ولكن هذه المرة بأنبوب بلاستيكي أسود اللون. وبينما كانت تصرخ من الألم، قالت لها شرطية: اصمتي، أجيبي على أسئلتي من دون أن تطرح عليها أياً منها أو أن تترك لها الوقت لتجيب. وكانت التهمة نفسها: أنها كذبت في التقارير التي أعدتها. وحتى لو كانت المعلومات صحيحة، فإنها تسيء إلى صورة البلاد. لم يتوقف الضرب في أي لحظة من اللحظات. حتى سقطت العصابة عن عينيها. فرأت نزيهة أن الضابط الأول الذي قابلته كان يراقب المشهد ببرودة أعصاب.

ومن ثم، اقتيدت المراسلة إلى غرفة فيها نساء أخريات. هن ممرضات ينتظرن دورهن في الاستجواب. وبعد فترة من الوقت، أحضرت نزيهة لجلسة استجواب ثانية. وانطلق الكابوس مجدداً. وبينما كانت معصوبة العينين، طلب منها تقليد صوت الحمار والسير مثل الحيوانات. هكذا، بدأ الإذلال مجدداً ناهيك عن الضرب. في لحظة، قامت امرأة بتقريب زجاجة من البلاستيك من فمها قائلةً لها: اشربي، هذا بول! ضاغطةً على فمها بالقنينة. إلا أن الشابة تمكّنت من إبعاد الزجاجة. فإذا بالشرطية تفرغ محتوى الزجاجة على وجهها. في الواقع، تجهل نزيهة ما كان المحتوى عليه، ولكن وجهها أخذ يلتهب.

اقتيدت نزيهة إلى مكتب جديد حيث أجبرت مرة أخرى على أن تركع على كرسي. وانهال الأنبوب البلاستيكي على مشط قدميها وظهرها وذراعيها وجمجمتها. ومن ثم، ألقيت في الغرفة التي كانت النساء ينتظرن فيها. أزيلت العصابة عن عينيها. فأدركت نزيهة أنه بات منتصف الليل. وسمح للجميع بالذهاب إلى الحمام وأعطين بعض الطعام. وقدّمت إليهن وثائق لتوقيعها من دون أن تتسنى لهن فرصة قراءتها. فوقّعت.

إن الشرطية الأولى التي استقبلتها أخذت تفحص النساء الموجودات وتقول لهن إنهن سيقبعن مدة خمسة وأربعين يوماً في السجن في انتظار محاكمتهن. بيد أن رئيس مركز الشرطة طلب رؤية نزيهة. وقد أعرب عن دهشته لوجودها هنا متظاهراً بأنه يجهل خضوعها للاستجواب. فتمكنت الصحافية من إجراء مكالمة هاتفية مع والدتها والعودة إلى ديارها حرة. ولكن الآلام البدنية كما النفسية لم تبارحها قط.

اليوم، أعلنت وزارة الداخلية في البحرين عزمها على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن هذه الاعتداءات. وقد روت الصحافية محنتها إلى المدعي العام العسكري الذي يتولى التحقيق في القضية.

تتلقى الصحافية حالياً الرعاية الطبية في فرنسا. ومن المرتقب أن تعود إلى البحرين في 31 أيار/مايو المقبل.

تعرب مراسلون بلا حدود عن صدمتها العميقة بالمعاملة التي تلقتها نزيهة سعيد. وتناشد السلطات فتح تحقيق مستقل وشفاف بحيث يتم إجلاء ظروف هذه القضية الدنيئة والمقززة. فينبغي محاكمة المسؤولين عن هذه الأعمال كما الأشخاص المتورّطين في سلسلة القيادة.

من شأن حالة هذه المرأة الشابة أن تعطي لمحة عامة عن معاملة قوات الأمن في البحرين للصحافيين. ولا تزال لائحة الصحافيين والمصورين والمخالفين الإلكترونيين الموقوفين في ازدياد مستمر، وذلك في ظل لامبالاة المجتمع الدولي.

Publié le
Updated on 27.06.2019