بعد عشر سنوات من مجزرة شارلي إبدو، لا يزال رسامو الكاريكاتير عرضة للانتقام
في 7 يناير/كانون الثاني 2015، تعرضت المجلة الأسبوعية الفرنسية الساخرة شارلي إبدو لهجوم إرهابي شنيع. بعد مرور عشر سنوات على تلك المجزرة التي طالت عدد من صحفيي وموظفي المجلة، تحتفي مراسلون بلا حدو بالصحفيين ورسامي الكاريكاتير الذين قُتلوا وجُرحوا بسبب عملهم الإعلامي، مجددة تأكيدها على ضرورة حماية رسامي الكاريكاتير وحريتهم في إخبار الجمهور. فمن حالات الاحتجاز بتهمة "التحريض على الانقلاب ضد الدولة" في الصين، مروراً عبر الترهيب في نيكاراغوا ثم وصولاً إلى محاكمات "ازدراء السلطة القضائية" في الهند، نسلط الضوء على 20 قضية بارزة سُجلت على مدى السنوات العشر الأخيرة، حيث تعكس كل حالة من هذه الحالات حجم التهديدات والعقبات التي يواجهها الفاعلون الإعلاميون الساخرون في مختلف أنحاء العالم.
بعد مرور عشر سنوات على مذبحة شارلي إبدو، التي فقدت على إثرها المجلة الأسبوعية الفرنسية الساخرة ثمانية من أفراد طاقمها، لا يمكن اعتبار سلامة موظفي هذه المؤسسة الإعلامية أمراً مضموناً، وهي التي وُضعت تحت أعلى درجات حماية الشرطة. . فقد سُجل هجوم جديد أمام مقرها السابق في سبتمبر/أيلول 2020، حيث تعرض اثنان من موظفي شركة إنتاج الأفلام الوثائقية "بروميار لين" لهجوم بالسلاح الأبيض، علماً أن الجاني قُدم للعدالة وبدأت محاكمته في 6 يناير/كانون الثاني الجاري. وفي يناير/كانون الثاني 2023، شنت السلطات الإيرانية هجمات على المجلة، حيث فرضت ضغوطاً قوية على الحكومة الفرنسية وأطلقت تهديدات ضد الأسبوعية الساخرة، في أعقاب نشر رسوم كاريكاتورية للمرشد الأعلى والملالي. كما رُفعت دعوى قضائية ضد شارلي إبدو في تركيا بتهمة "إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان"، بعد نشر رسم كاريكاتوري للرئيس التركي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث لا تزال محاكمة أربعة من أفراد هيئة تحريرها معلقة منذ انطلاقها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، علماً أنهم يواجهون حُكماً بالسجن لمدة تزيد عن أربع سنوات.
يُعد هذا السلاح القضائي، إلى جانب الرقابة، من وسائل القمع المفضلة لدى الدول التي تريد الإجهاز على أي نوع من الانتقاد، مثل الصين، التي تكثف ضغوطها في الخارج لفرض الرقابة على رسامي الكاريكاتير الذين يتجرؤون على انتقاد النظام أو حتى تسليمهم لها من أجل الزج بهم في السجون. ولكن أمام حرية الإعلام بقوة الرسم اليدوي – التي تواصل مراسلون بلا حدود ومنظمة كارتونينغ من أجل السلام الكفاح يومياً من أجل حمياتها – تتنوع الأسلحة المستخدمة في السعي إلى قمعها، حيث تتراوح بين المضايقات القضائية والرقابة والاحتجاز وحملات التشهير والترهيب، على سبيل المثال لا الحصر… وفي هذا الصدد، نسلط الضوء على عشرين قضية بارزة سُجلت على مدى السنوات العشر الأخيرة، حيث تعكس كل حالة من هذه الحالات حجم التهديدات والعقبات التي يواجهها رسامو الكاريكاتير في مختلف أنحاء العالم.
رغم الهجوم القاتل الدنيء على شارلي إبدو، والذي شكل أكبر مجزرة طالت فاعلين إعلاميين في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، ورغم التهديدات والهجمات التي استمرت في استهداف المجلة على مدى العقد الماضي، إلا أن رسامي الكاريكاتير العاملين بها لم يُسقطوا أقلامهم أبداً. وإذ تُكرّم مراسلون بلا حدود هذا المنبر الإعلامي المستمر في نضاله من أجل الحق العالمي في الوصول إلى المعلومات، تُذكر المنظمة بأن مواجهة محاولات تجريم "ازدراء الأديان" تقتضي ألا تستسلم الانظمة الديمقراطية قيد أنملة أمام كل الضغوط. فبعد مضي عشر سنوات على مأساة شارلي إبدو، لا يزال من الضروري حماية هؤلاء الفاعلين الإعلاميين وصون حريتهم في الإخبار بقالب هزلي، لأن المتطرفين والديكتاتوريين وأصحاب النفوذ يواصلون مهاجمة رسامي الكاريكاتير في جميع أنحاء العالم بهدف تقويض حرية الصحافة الساخرة. ولذا يجب ألا تضمحل مساحة الرسم الكاريكاتيري الصحفي تحت هذا النوع من الضغوط".
أشرف عمر (مصر): يقبع في الحبس الاحتياطي منذ خمسة أشهر بتهم زائفة ودون أية أدلة ضده
لا يزال رسام الكاريكاتير والمترجم المصري أشرف عمر، المتعاون مع موقع المنصة الإخباري المستقل، يقبع في الحبس الاحتياطي بالقاهرة، وذلك بعد تمديد احتجازه للمرة السابعة على التوالي منذ اعتقاله من منزله في 22 يوليو/تموز 2024. وبعد أيام قليلة من نشره رسوماً كاريكاتورية عن أزمة الديون وانقطاع الكهرباء، اتُّهم أشرف عمر "بالانضمام إلى جماعة إرهابية" ونشر "معلومات كاذبة" و"إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي"، دون تقديم أي دليل يثبت تلك التهم. وخلال استجواب دام ست ساعات خلال مثوله أمام نيابة أمن الدولة العليا، وهي محكمة معنية بمكافحة الإرهاب عادة ما تُستخدم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين والمعارضين، سُئل رسام الكاريكاتير عما إذا كانت رسوماته تهدف إلى تحريض الجمهور على العنف.
ريكاردو كليمنت "أليكوس" (السلفادور): موجة ترهيب على منصات التواصل الاجتماعي
يُعد ريكاردو كليمنت، المعروف باسمه المستعار "أليكوس"، واحداً من رسامي الكاريكاتير الأكثر نفوذاً في السلفادور، حيث يُشهد له بأسلوبه اللاذع في انتقاد إدارة الرئيس نجيب بوكيلي. فخلال عام 2023، واجه أليكوس موجة من الترهيب بعد نشر رسوم كاريكاتورية تشكك في السياسات الاستبدادية للحكومة، ومن بينها سياسة فرض نظام الطوارئ، الذي أدى إلى الآلاف من حالات الاعتقال التعسفي، حيث طالته حملات تنمر وتهديدات على منصات التواصل الاجتماعي من أنصار النظام، على خلفية رسومات نشرها في هذا الصدد على مختلف وسائل الإعلام الوطنية، ومن بينها موقع إل فارو الإخباري، علماً أن الهدف من تلك الهجمات لم يقتصر على إسكاته فحسب، بل امتد أيضاً ليشمل تشويه سمعة عمله. ورغم كل تلك الضغوط، لا يزال أليكوس شخصية فاعلة رئيسية في النضال المستمر الذي يندد بانتهاكات حقوق الإنسان في السلفادور، حيث يستخدم أسلوب الرسم الساخر كأداة لمقاومة الاستبداد.
جيمي سباير سيتونغون (أوغندا): عندما تكون حياة رسام الكاريكاتير عرضة للخطر
جيمي سباير سيتونغون رسام كاريكاتير حائز على عدة جوائز، وهو يعمل في صحيفة ذا اوبسرفر. فخلال عام 2023، أعلن وقف مشاركته في حملات منظمة كارتونينغ من أجل السلام، التي كان يساهم فيها من خلال رسوم كاريكاتورية تتطرق لمواضيع بالغة الأهمية مثل الصحة والسلامة واختلالات البنية التحتية للطرق. وجاء قرار رسام الكاريكاتير هذا بسبب خشيته على حياته بعد تعرضه لمودة من التهديدات، علماً أنه عانى أيضاً من موجة X تنمر إلكترونية خلال عام 2024، بعد إطلاقه حملة لمكافحة الفساد على منصة .
الحدود (الأردن): لا مجال للسخرية
تأسس موقع "الحدود" الساخر عام 2013 في الأردن، لكنه يتخذ حالياً من المملكة المتحدة مقراً له، حيث لا يتوانى عن معالجة القضايا الحساسة، مثل الفساد والحوكمة في الشرق الأوسط، إذ يشكل أسلوبه الهزلي مصدر إزعاج للأنظمة التي تطالها انتقاداته، ولذا فإنه يخفي هوية صحفييه ورسامي الكاريكاتير العاملين به "حفاظاً على سلامتهم". وفي يوليو/تموز 2023، فرضت السلطات الأردنية حجباً على الموقع في المملكة دون تحديد الأسباب، علماً أن هذا القرار صدر بعد فترة وجيزة من انتقاده بطريقة ساخرة للنفقات الباهظة التي صُرفت على زواج ولي العهد.
راشيتا تانيجا (الهند): تواجه عقوبة السجن لمدة ستة أشهر بتهمة "ازدراء السلطة القضائية"
تشتهر راشيتا تانيجا بقصصها الهزلية التي تنشرها تحت عنوان "Sanitary Panels" على منصات فيسبوك وإينستاغرام و إكس (تويتر سابقاً)، والتي تتطرق لقضايا الساعة المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والسياسية من خلال حس فكاهي متبصر. وخلال عامي 2019 و2020، كانت تشرف على عمود أسبوعي في مجلة فوربس إينديا. وخلال عام 2021، وجهت إليها تهمة "ازدراء السلطة القضائية" بسبب ثلاثة رسوم كاريكاتورية ساخرة نشرتها عام 2020 على حسابها عبر منصة إكس (Sanitarypanels@)، وهي رسومات تتطرق للعلاقات القائمة بين الشخصيات السياسية والقضائية في الهند، علماً أن أحد أعضاء الجناح الطلابي لحزب بهاراتيا جاناتا (حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي) قدم شكوى يزعم فيها أن تلك الرسومات من شأنها أن تقوض ثقة المواطنين في نظام القضاء بالبلاد. ولا تزال التهم الموجهة إليها معلقة إلى الآن، في انتظار بدء المحاكمة، حيث تواجه رسامة الكاريكاتير حكماً بالسجن لمدة ستة أشهر.
مانجول (الهند): رقابة حكومية على منشورات ساخرة في منصة إكس
في 4 يونيو/حزيران 2021، تلقى رسام الكاريكاتير مانجول، الحائز على عدة جوائز، بلاغاً من قبل الإدارة القانونية لمنصة إكس أن "كياناً مخولاً (وكالة إنفاذ القانون أو وكالة حكومية)" قد أصدر تقريراً قانونياً ضد حسابه، بدعوى أن محتواه ينتهك قوانين البلاد، وذلك على خلفية سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية التي كان قد نشرها للتو منتقداً فيها تقاعس حكومة مودي في مواجهة الموجة الثانية من جائحة كوفيد-19، التي ضربت الهند بشدة. ففي الرسالة التي تلقاها عبر بريده الإلكتروني، أبلغته الإدارة القانونية لمنصة إكس بأنها لم يتخذ أي إجراء فيما يتعلق بالتقرير القانوني المحال إليها، ولكنها لم تقدم أي تفاصيل ذات صلة، مقترحة عليه في المقابل عدة طرق للرد، ومن بينها الاتصال بمستشار قانوني أو إزالة المحتوى إذا رغب في ذلك. وبعد طلب المساعدة من مؤسسة حرية الإنترنت لتقديم طلب "الحق في الوصول إلى المعلومات"، قرر أخيراً التوقف عن البحث عن الجهة التي رفعت تلك الشكوى ضده، علماً أنه خسر عقده مع موقع Network18 بعد أيام قليلة من تلقي تلك الرسالة. وفي 3 يناير/كانون الثاني 2025، تلقى مانجول إشعاراً مماثلاً آخر من الإدارة القانونية لمنصة إكس، حيث أشارت الرسالة إلى أن شرطة مومباي أبلغت عن أحد رسوماته.
أحمد كبير كيشور (بنغلاديش): تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز بسبب رسومات كاريكاتورية خلال أزمة كوفيد-19
كان رسام الكاريكاتير الشهير أحمد كبير كيشور ينشر خلال أزمة كوفيد-19 سلسلة من الرسومات على منصات التواصل الاجتماعي، متناولاً فيها مختلف القضايا المرتبطة بالحياة السياسية في بنغلاديش، حيث ندَّد بقضايا الفساد التي كانت تشهدها البلاد إبان الجائحة، علماً أنه اعتُقل في 5 مايو/أيار 2020 واحتُجز بتهمة "نشر الشائعات والمعلومات المضللة على فيسبوك حول الوضع المتعلق بجائحة كورونا"، حيث حُوكم بموجب قانون الأمن الرقمي الصادر عام 2018. وبعد أكثر من عشرة أشهر خلف القضبان، أُفرج عن رسام الكاريكاتير بكفالة في 4 مارس/آذار 2021 غداة قرار صادر عن المحكمة العليا، حيث ظهرت آثار التعذيب على جسده عند خروجه من السجن. وبعد أقل من ثلاثة أشهر على إطلاق سراحه، وجهت له السلطات اتهامات جديدة في 13 يونيو/حزيران 2021 بدعوى "نشر الشائعات والتحريض على أنشطة مناهضة للحكومة"، ليحاكَم بموجب القانون نفسه الذي أدى به إلى السجن مرة أخرى، قبل أن يفر من بنغلاديش في 7 ديسمبر/كانون الأول 2021 حيث يعيش في السويد حالياً.
أوبتيرتوس "أوبتاتوس" فويما (تنزانيا): أسبوعان قيد الاحتجاز بسبب رسم كاريكاتوري لرئيسة البلاد
اعتُقل رسام الكاريكاتير من منزله في 24 سبتمبر/أيلول 2021 بعد أن نشر عبر صفحته على إنستغرام رسماً يصور رئيسة البلاد سامية سولوهو في زي طفلة "تتمرغ" في حوض من الماء، وخلفها الرئيس السابق جاكايا كيكويتي، الذي يُعتبر مرشدها، حيث صُور في هيئة شخص يحميها من الانتقادات ويطمئن المواطنين، مما يعكس مدى تأثيره في الشؤون السياسية الحالية. وقد وُجهت إلى أوبتاتوس فوينا تهمة "نشر معلومات كاذبة" بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، حيث قضى نحو أسبوعين رهن الاحتجاز قبل الإفراج عنه بكفالة، لتُغلق القضية في سبتمبر/أيلول 2022 بعد عدة تأجيلات.
زهرة أوميروغلو (تركيا): حكم بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات بتهمة "الفاحشة"
تمثل حالياً أمام محكمة جنايات إسطنبول رسامة الكاريكاتير الشهيرة زهرة أوميروغلو، التي تنشر أعمالها في المجلتين الساخرتين ليمان وبيان ياني (التي تتألف أساساً من النساء). وتُحاكم أوميروغلو بتهمة "الفاحشة"، على خلفية رسم كاريكاتوري نشر بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في ليمان بعنوان "الجنس والوباء: لا لفقدان حاستي الذوق والشم!". وفي مارس/آذار 2024، ادعى تقرير أولي صادر عن لجنة المنشورات الفاحشة (المرتبطة بفرع خدمات الأطفال التابع لوزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية) أن الرسم الكاريكاتوري ينطوي على محتوى بذيء. وفي نهاية الجلسة الحادية عشرة يوم 26 سبتمبر/أيلول، طلبت المحكمة الإصلاحية تقريراً ثانياً، هذه المرة من ثلاثة خبراء من جامعة عامة لتقييم الطابع الفني أو الأدبي للرسم الكاريكاتوري، علماً أن زهرة أوميروغلو تواجه حُكماً بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، حيث من المقرر أن تُعقد جلسة أخرى من محاكمتها في 6 فبراير/شباط 2025.
موسى كارت (تركيا): 14 شهراً خلف القضبان بتهمة "دعم منظمة غير قانونية"
عمل موسى كارت رساماً كاريكاتورياً لمدة 42 عاماً في صحيفة جمهوريت اليومية، وقد حكمت عليه محكمة الجنايات بإسطنبول في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف بتهمة "دعم منظمة غير قانونية"، علماً أنه يُعد من الأشخاص الـ 12 (من المعاونين الإعلاميين والصحفيين والإداريين في صحيفة جمهوريت) الذين حُكم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى ثماني سنوات على خلفية مشاركتهم في افتتاحية ليبرالية تنتقد الانحراف الاستبدادي للرئيس أردوغان. ورغم الإفراج عنه تحت إشراف قضائي بعد تسعة أشهر من الاحتجاز السابق للمحاكمة وخمسة أشهر من السجن، إلا أن موسى كارت ممنوع من مغادرة البلاد ولا يزال ينتظر صدور القرار النهائي من محكمة النقض.
مجلة تيمبو (إندونيسيا): تحت وطأة الترهيب من جماعات دينية وسياسية
في مارس/آذار 2018، نظمت جبهة المدافعين عن الإسلام مظاهرة أمام مقر صحيفة تيمبو الأسبوعية، بعدما أقدمت هذه الأخيرة على نشر رسم كاريكاتوري يصور زعيم الجماعة المتطرفة - المتهم بالإباحية - في مشهد أمام امرأة بدون حجاب وترتدي قميصاً دون كمين. وقد دخل متظاهرون إلى المبنى لترهيب الموظفين والمطالبة باعتذار المجلة من جميع المسلمين، وهو ما رفضته إدارة تيمبو جملة وتفصيلاً، اعتقاداً منها أن الإقدام على مثل هذه الخطوة من شأنه أن يقوض بشكل خطير حرية الصحافة والحق في الإعلام. وخلال العام التالي، في سبتمبر/أيلول 2019، احتج أنصار الرئيس جوكو ويدودو أمام مبنى مجلس الصحافة ضد رسم كاريكاتوري يصور الرئيس بأنف طويل على غرار أنف بينوكيو. وبينما اعتبر مؤيدو ويدودو أن هذا التصوير يشكل إهانة لرئيس الدولة، دافعت هيئة تحرير تيمبو عن موقفها من خلال شرح يفيد بأن الرسم يعكس الاتهامات التي يوجهها له نشطاء مكافحة الفساد.
خايمي أندريس بوفيدا "بكتيريا" (كولومبيا): محاكمة بتهمة "التشهير"
تعرض خايمي أندريس بوفيدا، المعروف باسمه المستعار "بكتيريا"، لمحاولات تخويف متعددة بسبب عمله الساخر، لا سيما رسوماته المنشورة في جريدة إل إسبكتادور. فخلال عام 2019، رفع الرئيس السابق ألفارو أوريبي دعوى قضائية ضده بتهمة "التشهير" – الذي يعاقَب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 72 شهراً في الحالات المشددة – وذلك على خلفية تغريدة ساخرة تشبهه بشخصيات المافيا. ورغم أن القضية لا تزال معلقة، إلا أن مكتب المدعي العام أعاد تفعيلها خلال عام 2023. وبالإضافة إلى هذه الملاحقات القضائية، تعرض "بكتيريا" لتهديدات على منصات التواصل الاجتماعي، مما يعكس الضغط المستمر على منتقدي السلطة في كولومبيا. وفي مايو/أيار 2010، تم الإبلاغ عن بعض رسوماته، من بينها تلك التي تصور شخصيات سياسية، ليتم حظرها على فيسبوك، مما أثار موجة من المناقشات حول حرية التعبير وحدود السخرية على الإنترنت.
بيدرو إكس مولينا (نيكاراغوا): رمز لاضطهاد الأصوات الناقدة في ظل نظام أورتيغا-موريلو
بيدرو إكس مولينا، المعروف باسم PxMolina، رسام كاريكاتير مشهور تعرض لواحدة من أعنف موجات الاضطهاد على يد النظام القمعي خلال ولايتي دانييل أورتيغا وروساريو موريلو. فخلال عام 2018، وبعد مظاهرات حاشدة ضد الحكومة والإغلاق القسري لموقع كونفيدينسيال الإخباري (الذي كان يتعاون معه)، اضطر PxMolina إلى مغادرة البلاد والعيش في المنفى مع كافة زملائه في الموقع، علماً أنه أصبح عرضة للتهديدات والتجسس وحملات التشهير التي ينظمها مؤيدو الحكومة، وذلك بسبب رسومه الكاريكاتورية التي تنتقد فساد النظام واستبداده وقمعه للمعارضين والمنتقدين. هذا ويواصل PxMolina العمل من المنفى، حيث ينشر رسومه في وسائل إعلام دولية مثل بوليتيكو ولوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست وكورييه أنترناسيونال، مندداً من خلال أعماله الإبداعية بانتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها نيكاراغوا، إذ أصبحت قضيته رمزاً لكيفية استخدام الرقابة والاضطهاد من قبل نظام أورتيغا-موريلو لإسكات الأصوات المنتقدة.
باديوكاو (الصين): إلغاء مَعارض تحت ضغوط صينية
باديوكاو رسام كاريكاتير سياسي صيني منفي في أستراليا منذ عام 2009، وهو يندد من خلال رسومه الكاريكاتورية انتهاكات حقوق الإنسان في الصين وقمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ واضطهاد الأقليات مثل الأويغور، حيث ينشر أعماله الناقدة للنظام الصيني في وسائل إعلام دولية مثل نيويورك تايمز وبي بي سي، علماً أنه يتعرض هو وعائلته لتهديدات مستمرة من السلطات الصينية، سواء تعلق الأمر بحملات تنمر عبر الإنترنت أو باستجواب الشرطة لأقاربه أو بأساليب أخرى من الضغط. وفي بعض الأحيان، يؤدي تدخل بكين إلى إلغاء مَعارضه، كما كان الحال في هونغ كونغ خلال عام 2018، عندما كان يتأهب لعرض رسومه في إطار أسبوع حرية التعبير، مما يعكس بجلاء قوة آلة القمع المتوغلة على نطاق واسع خارج الحدود الصينية. فخلال عام 2023، بعثت الحكومة الصينية رسالة إلكترونية إلى نظيرتها البولندية تطلب فيها إلغاء معرض لرسام الكاريكاتير السياسي في وارسو، بدعوى أنه يتضمن "تهجماً على صورة الصين والقادة الصينيين"، ولكن المعرض تم وفق البرنامج المقرر رغم الضغوط.
رامون إيسونو إيبالي (غينيا الاستوائية): تحت وطأة تهم "التزوير" و"غسل الأموال"
يُعرف رسام الكاريكاتير رامون إيسونو إيبالي باسمه المستعار "" Jamón y Queso، وقد سبق له أن اعتُقل في سبتمبر/أيلول 2017 بالعاصمة مالابو. وبعد احتجاز دام أكثر من شهرين دون أن توجه له أي تهمة رسمية، حُوكم أخيراً بتهمة "التزوير" و"غسل الأموال" بعد أن عثرت الشرطة على ما يعادل 1500 يورو من الأوراق المزورة في سيارته. إلا أن استجوابه تمحور حول رسومه الكاريكاتورية التي تناول فيها بعض المسؤولين السياسيين في حكومة غينيا الاستوائية. وبالإضافة إلى أعماله الصحفية، اضطلع رامون إيسونو إيبالي بالرسوم الكاريكاتورية لقصة "كابوس أوبي" التي تتناول بشكل ساخر قضايا الفساد وسوء الحوكمة في غينيا الاستوائية. وقبل بضعة أيام من إطلاق سراحه وإسقاط التهم المنسوبة إليه في مارس/آذار 2018، اعترف ضابط الشرطة المسؤول عن تلفيق التهم له أن القضية المرفوعة ضده كانت مفبركة بالكامل، إذ يعكس احتجاز إيبالي التعسفي حجم القمع والخطر المستمرين اللذين تواجههما الأصوات الناقدة في غينيا الاستوائية.
جيانغ يفي (الصين): بعد لجوئه إلى تايلاند، تم تسليمه إلى الصين وحُكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات ونصف بتهمة "الانقلاب ضد الدولة"
كان جيانغ يفي لاجئاً في تايلاند منذ عام 2008، لكنه اعتُقل عام 2015 بناءً على طلب من السلطات الصينية وتم تسليمه إلى بكين من قبل حكومة تايلاند رغم منحه اللجوء من الأمم المتحدة. وبعد محاكمة سرية خلال عام 2018، حُكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات ونصف بتهمة "الانقلاب ضد الدولة" على خلفية رسوماته الساخرة التي تنتقد الحكومة، ثم أُطلق سراحه خلال عام 2022 بعد أن قضى مدة عقوبته. وقبل محاكمته، ظل جيانغ يفي قيد الحبس الانفرادي لمدة ثلاث سنوات تقريباً، حيث ظهر على وسائل الإعلام الحكومية الصينية وكانت تبدو عليه علامات الاعتداء الجسدي بشكل واضح لا غبار عليه. وقبل فراره إلى تايلاند، كان رسام الكاريكاتير قد سُجن وعُذِّب عدة مرات بسبب عمله.
وونغ كي-كوان "زونزي" (هونغ كونغ): الرقابة المستمرة تنهي تعاوناً دام 40 عاماً
وونغ كي-كوان رسام كاريكاتير سياسي من هونغ كونغ، وهو معروف باسمه المستعار "زونزي". وقد نشر رسوماً كاريكاتورية ساخرة عن السياسة في هونغ كونغ منذ عام 1983، لا سيما من خلال أعماله الساخرة في صحيفة "مينغ باو". وبعد اعتماد قانون الأمن القومي خلال عام 2020، رفعت ضده سلطات هونغ كونغ عدة دعاوى قضائية على خلفية رسوماته التي تدين التجاوزات الاستبدادية والتعديلات التشريعية المثيرة للجدل، مما دفعه خلال عام 2023 إلى إنهاء تعاونه مع المكتبات العامة في الإقليم وسحب أعماله منها، علماً أن رسمه الكاريكاتوري الأخير، الذي انتقد فيه تعيين أعضاء المجالس المحلية، أثار غضب وزير الدولة للشؤون الداخلية والشباب.
آه تو (هونغ كونغ): بين إنهاء التعاون واللجوء إلى المنفى
أُرغم رسام الكاريكاتير آه تو على العيش في المنفى خلال عام 2023، خوفاً من الملاحقة القضائية في سياق حملة التضييق وقمع حرية الصحافة التي تشنها السلطات المحلية، وهو الذي يُعرف بدفاعه الشديد عن الحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، حيث ندد في رسوماته بالشطط في استخدام السلطة من قبل حكومتي هونغ كونغ وبكين، علماً أنه غطى قضايا حساسة مثل الجدل القائم بشأن قانون الأمن القومي وإصلاح النظام الانتخابي ومظاهرات عام 2019. وتعرض آه تو لضغوط متزايدة، بما في ذلك إزالة مقالاته من صحيفة مينغ باو وياهو نيوز خلال عام 2020، فضلاً عن تهديده بالمحاكمة بتهمة "التشهير" في حق الحكومة والشرطة.
بيل ليك (أستراليا): تهديدات بالقتل بسبب رسم كاريكاتوري
توفي رسام الكاريكاتير الأسترالي بيل ليك بنوبة قلبية في مارس/آذار 2017، وهو الذي كان معروفاً بموهبته العالية وحس دعابته ومواقفه الاستقطابية، حيث تعرض للتهديد بالقتل، خاصة بعد نشر رسم كاريكاتوري للنبي محمد في صحيفة "ذا ويكند اوستراليان" في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي طال مجلة شارلي إبدو، إذ اتهمه منتقدوه بالإساءة إلى المسلمين، في حين رأى معجبوه أنه مدافع عن حرية التعبير وعبقري في فن النقد الساخر. وخلال عام 2016، وُصف أحد رسوماته الكاريكاتورية بالعنصرية بعدما صور مشهداً لرجل من السكان الأصليين، حيث رُفعت ضده شكوى إلى اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان، قبل أن تُسحب في وقت لاحق. يُذكر أن بيل ليك ترك بصمة خالدة في مجال الرسم الساخر والبورتريه، علماً أنه فاز تسع مرات بجائزة والكلي التي تحتفي بالتميز الصحفي في أستراليا.
ساكدا ساي-إيو أو "سيا ثايراث" (تايلاند): استدعاء من الشرطة بهدف "تحسين السلوك"
يُعتبر ساكدا ساي-إيو، المعروف باسم سيا ثايراث، أحد أشهر رسامي الكاريكاتير في تايلاند، حيث نشرت له صحيفة ثايراث الأكثر انتشاراً في البلاد خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 رسماً ساخراً للجنرال برايوت تشان أوتشا، رئيس الوزراء ورئيس المجلس الوطني للسلام والنظام (أن. سي.بي.او)، في محاكاة هزلية للخطاب الذي تعهد فيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة باستعادة الديمقراطية في تايلاند وإجراء انتخابات، إذ وضع سيا ثايراث خطاب برايوت تشان أوتشا في كفة والمشاكل الداخلية التي تواجه تايلاند في كفة ثانية. ونتيجة لذلك، استدعاه المكتب الوطني للمؤتمر الشعبي في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2015 لجلسة بهدف "تحسين السلوك"، وهي طريقة كان يستخدمها المجلس العسكري التايلاندي لترهيب العناصر التي يعتبرها " تخريبية".
- أوروبا - آسيا الوسطى
- فرنسا
- تركيا
- أمريكا
- كولومبيا
- نيكاراغوا
- السلفادور
- آسيا والمحيط الهادئ
- الصين
- الهند
- بنغلاديش
- أندونيسيا
- تايلاند
- أفريقيا
- غينيا الاستوائية
- تنزانيا
- المغرب العربي - الشرق الأوسط
- مصر
- أشكال العنف ضدّ الصحفيين
- أحداث الساعة
- تنديد
- رسّام صحافة
- حريّة الصحافة
- حرية الرأي والتعبير
- حرية الحصول على المعلومات
- أبطال الإعلام
- لاتسامح ديني
- اغتيال
- احتجاز تعسفي
- تهديدات وضغوط
- تحرش سبراني
- تحرش قضائي