الولايات المتحدة: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحظى بالترحيب في واشنطن رغم العنف الذي تمارسه بلاده ضد الصحفيين في غزة

فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 صحفي في كل من غزة ولبنان، علماً أن ما لا يقل عن 30 منهم لقوا حتفهم أثناء أداء عملهم، وهو رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ تغطية هذا الصراع. كما أبقت الحكومة الإسرائيلية على الحصار الإعلامي المفروض على غزة، ومنعت دخول الصحفيين الدوليين إلى القطاع، فضلاً عن حظر الإمدادات الحيوية للصحفيين في غزة.

شكاوى عديدة محالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، رفعت مراسلون بلا حدود إلى المحكمة الجنائية الدولية ثلاث شكاوى  – آخرها بتاريخ 24 مايو/أيار الماضي – حيث تشمل جيمع الملفات الثلاثة أدلة على جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حق صحفيين. ومن خلال هذه الشكاوى، تُجدد مراسلون بلا حدود دعوتها إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق بشكل عاجل في الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الصحفيين في غزة، طبقاً لا تنص عليه المادة 15 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

منع وصول وسائل الإعلام إلى القطاع المحاصر

طوال الأشهر التسعة التي شهدتها حتى الآن هذه الحلقة الجديدة من الصراع، منعت الحكومة الإسرائيلية وسائل الإعلام الدولية من دخول غزة، إلا في حالات نادرة وتحت إشراف الجيش الإسرائيلي، ما يعني أن الصحفيين الإسرائيليين والفلسطينيين المتواجدين خارج غزة لا يمكنهم دخول القطاع للقيام بعملهم بحرية، حيث يشكل هذا الحصار الإعلامي عقبة كبيرة أمام التغطية المستقلة للحرب، مما يقوض حق الرأي العام الدولي في الوصول إلى المعلومات ذات الصلة، لا سيما فيما يتعلق بمعاملة المدنيين في غزة. كما يفرض الحصار ضغطاً خانقاً على الصحفيين الغزاويين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على المخاطرة بحياتهم في سبيل تغطية الحرب.

 أما على أراضيها، فقد سنت إسرائيل قانونا يحظر أي نشاط له صلة بقناة الجزيرة، وذلك بعدما اتَّهمت المحطة الإخبارية القطرية بأنها "جهاز دعاية لصالح حماس"، واصفة صحفييها بأنهم "عملاء إرهابيون"، وهو القرار الذي أدانته مراسلون بلا حدود، معتبرة أنه غير مقبول، داعية إلى إلغائه مراراً وتكراراً. ورغم تدخل إدارة بايدن من أجل الإلغاء الفوري لقرار مماثل كانت قد اتخذته إسرائيل ويقضي بمصادرة معدات وكالة أسوشيتد برس الإخبارية ومنعها من نشر محتوياتها، إلا أن المسؤولين الأمريكيين لم يحرِّكوا ساكناً بشأن حظر قناة الجزيرة.

وبينما تعرَّض مكتب جريدة هآرتس الإسرائيلية للتخريب، فقد اعتُدي جسدياً على موظفيها، حيث تدين مراسلون بلا حدود هذه المحاولات المتزايدة لترهيب الصحيفة بسبب تغطيتها للحرب على غزة وانتقادها للحكومة الإسرائيلية.

انتهاكات بالجملة لحرية الصحافة حتى قبل الحرب

تعود أعمال العنف التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الصحفيين إلى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ففي مايو/أيار 2022، اغتيلت صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها غارة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث مرت الجريمة دون عقاب رغم أن عدة تحقيقات مستقلة أثبتت أن جندياً إسرائيلياً أطلق النار على الصحفية، التي تحمل الجنسيتين الفلسطينية والأمريكية، علماً أنه كان من السهل التعرف بكل وضوح على طبيعة نشاطها الصحفي. وفي 15 مايو/أيار 2021، قصفت القوات الإسرائيلية مبنى يضم مكاتب 23 مؤسسة إعلامية فلسطينية ودولية.
 

الولايات المتحدة تسمح بقتل الصحفيين

تواصل الولايات المتحدة دعم الجهود الحربية الإسرائيلية، حيث تُقدِّم لحليفتها مساعدات عسكرية مباشرة، دون أن تفرض عليها أي شروط تتعلق بحقوق الإنسان. لكن يجب على المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم الرئيس بايدن، إقناع رئيس الوزراء نتنياهو بأن الدعم الأمريكي المستقبلي للجيش الإسرائيلي سيتوقف على مدى الوفاء بالتزاماته فيما يتعلق باحترام مقتضيات القانون الإنساني الدولي، ويشمل ذلك ضمان حماية الصحفيين وإحقاق العدالة في الجرائم المرتكبة ضدهم. وإذا لم تُقدم واشنطن على هذه الخطوة، فإن البيت الأبيض والكونغرس سوف يصبحان متورطَين في هذا الصراع، الذي يُعتبر الأكثر دموية بالنسبة لوسائل الإعلام المستقلة.