القضاء العسكري يحكم على صحفي بستة أشهر سجناً
تشجب مراسلون بلا حدود و مؤسسة الكرامة الحكم الصادر غيابياً عن المحكمة العسكرية في بيروت يوم 25 نوفمبر\\تشرين الثاني 2013 والقاضي بعقوبة السجن لمدة ستة أشهر في حق الصحفي رامي عيشة.
وكان هذا الأخير قد اعتُقل في أواخر أغسطس\\آب 2012 بينما كان ينجز تحقيقاً حول الاتجار بالأسلحة في ضاحية بيروت الجنوبية، ورغم إطلاق سراحه في 27 سبتمبر\\أيلول، إلا أنه ظل متابعاً بتهمة شراء الأسلحة.
وبسبب سفره إلى الخارج لأسباب مهنية، لم يتمكن رامي عيشة من حضور جلسة المحاكمة التي عُقدت في 25 نوفمبر\\تشرين الثاني، حيث طَلب من خلال محاميه تأجيل الجلسة إلى يوم 8 ديسمبر\\كانون الأول، لكن القاضي المكلف بالبت في القضية رفض طلب الصحفي ليصدر الحكم عليه غيابياً.
وفي حديث لمنظمة مراسلون بلا حدود ومؤسسة الكرامة، أوضح رامي عيشة أنه في أعقاب قرار القاضي هذا، أُحيل اسمه إلى إدارة الهجرة ولدى عودته إلى لبنان، المقررة في يوم 8 ديسمبر\\كانون الأول، ستلقي عليه شرطة الحدود القبض مباشرة في المطار قبل أن تحتجزه أجهزة الأمن العام لأجل غير مسمى، في انتظار عقد جلسة استماع جديدة أمام محكمة عسكرية، وبالتالي فإن الصحفي اللبناني لن يكون متهماً بريئاً عند مثوله أمام القاضي خلال المحاكمة المقبلة التي قد تفضي إلى إدانة جديدة.
وقالت مراسلون بلا حدود في بيان لها إننا نطالب بإلغاء الدعاوى القضائية ضد رامي عيشة بشكل نهائي وندعو بالتالي إلى إسقاط الحكم القاضي بإدانته. فبحكم عمله الصحفي، كان رامي عيشة ينجز ريبورتاجاً عن تهريب الأسلحة عندما قُبض عليه. وأضافت أنه من المهم أن تميز السلطات القضائية اللبنانية بين التحقيق والمشاركة في هذه التجارة غير المشروعة، علماً أن أي لُبس في هذ الشأن قد يشكل خطراً كبيراً على مستقبل حرية الإعلام في لبنان. كما ندين بشدة اللجوء إلى المحاكم العسكرية لمحاكمة الفاعلين الإعلاميين. يجب ألا يشعر رامي عيشة بقلق أو خوف حيال العودة إلى لبنان في 8 ديسمبر\\كانون الأول. وعليه، فإن اعتقاله سيكون غير مقبول بتاتاً.
من جهتها، أوضحت الكرامة أن محاكمات المدنيين أمام المحاكم العسكرية، كما هو حال رامي عيشة، لا يمكن أن تُعتبر عادلة بأي حال من الأحوال. ذلك أن كل متهم يحق له الدفاع عن نفسه أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، طبقاً لمقتضيات المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتابعت: نلاحظ أن المحكمة العسكرية في بيروت أغفلت جملة من الإجراءات، ومن بينها فتح تحقيق لكشف المعتدين على رامي عيشة خلال فترة اعتقاله، رغم ما قدمه هذا الأخير من ادعاءات حول تعرضه للتعذيب علماً أنه رفع شكاويه إلى القاضي في الجلسة الأولى من جلسات المحاكمة. وبالتالي، لا يمكننا استبعاد إمكانية استخدام اعترافات تحت طائلة الإكراه للاحتجاج بها خلال إجراءات المحاكمة، وهو ما من شأنه أن يضفي مزيداً من طابع الجور على هذه المحاكمة، وبالتالي على الحكم كذلك.
يعمل رامي عيشة لعديد من وسائل الإعلام الدولية، مثل تايموشبيغل أونلاين، وقد أُلقي عليه القبض يوم 30 أغسطس\\آب 2012 أثناء إنجازه تحقيقاً في ظاهرة الاتجار بالأسلحة في ضاحية بيروت الجنوبية، إذ تم تسليمه إلى أجهزة الاستخبارات اللبنانية ومن ثم إلى الشرطة العسكرية قبل أن يُزج به في السجن، حيث تعرض للتعذيب والاستجواب عدة مرات.
ورغم إطلاق سراحه بعد شهر مقابل كفالة قدرها مليون ليرة لبنانية (حوالي 515 يورو)، فإنه ظل مطلوباً لدى المحكمة العسكرية بتهمة شراء الأسلحة.
وفي هذا الصدد، أوضحت مراسلون بلا حدود والكرامة أن رامي عيشة لا يزال قلقاً حيال ممارسة نشاطه المهني، في حين أن السلطات اللبنانية لم تفتح بعد أي تحقيق في الاعتداءات التي كان الصحفي ضحية لها، من قبيل اعتقاله بطريقة تعسفية واحتجازه في مكان سري، إضافة إلى ما تعرض له من تعذيب وسوء معاملة، حيث لم يتم حتى الآن تحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات ولا معاقبتهم. يجب أن يكون باستطاعة الإعلاميين اللبنانيين تغطية الموضوعات ’الحساسة‘ دون مضايقة أو تحرش من قبل الجماعات المسلحة أو الأحزاب السياسية أو السلطات.
بيد أن الاتجار بالأسلحة ليس هو الخط الأحمر الوحيد الذي يعرض الإعلاميين اللبنانيين للخطر. فقضية الفساد تُعد بدورها من القضايا المزعجة الأخرى، إذ اعتدى بعض أفراد المديرية العامة للجمارك بعنف على أعضاء طاقم قناة الجديدالتلفزيونية الذي كان يقوم بإعداد تقرير عن الفساد في مطار بيروت الدولي يوم 26 نوفمبر\\تشرين الثاني 2013.
ففي إطار ذلك التحقيق، طلب فريق القناة لقاء مع مدير الجمارك بالإنابة، شفيق مرعي، الذي رفض المقابلة، حسب شهادة الصحفيين الذين توجهوا إلى مقر المديرية العامة للجمارك، في وسط بيروت، لطلب لقاء جديد، لينهال عليهم بعض موظفي الإدارة بالضرب، قبل تدمير معداتهم.
ثم بدأت اشتباكات عنيفة بين هؤلاء الموظفين والصحفيين وبعض ممثلي المجتمع المدني الذين جاؤوا للتعبير عن تضامنهم مع طاقم التلفزيون، والذين تعرضوا بدورهم للهجوم، قبل أن يتدخل عناصر الجيش لفك الصدامات. وعلى إثر ذلك، استجوبت الشرطة أربعة صحفيين من قناة الجديد - رياض قبيسي، علي شريم، أديب فرحات وعلي خليفة، ليُطلق سراحهم في وقت لاحق حوالي الساعة السابعة مساءً.
وبينما لا يزال أولئك الصحفيون متابعين قضائياً عقب الشكوى التي تقدمت بها دائرة الجمارك، اشتكت القناة بدورها إلى السلطات القضائية، حيث أكدت النيابة العسكرية أمام قاضي التحقيق العسكري يوم 3 ديسمبر\\كانون الأول التهم المنسوبة لضابط الجمارك العقيد إبراهيم شمس الدين وموظف الجمارك محمد الصغير المتعلقة بـاستخدام القوة والضرب في حق الصحفيين.