بعدما كانت تُعتبر نموذجاً لحرية الصحافة والتعبير في العالم، باتت الولايات المتحدة تعيش على وقع تزايد مخيف للانتهاكات ضد حرية الإعلام.
المشهد الإعلامي
صحيح أن أغلب وسائل الإعلام الأمريكية تعمل بمنأى عن أي تدخل حكومي، بيد أن العديد من المنابر ذات الشعبية العالية مملوكة لثلة من رجال الأعمال الأثرياء. ففي مشهد إعلامي متنوع، تراجعت نسبة الأخبار المحلية بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ففي ظل المخاوف بشأن إقدام حكومة ترامب على موجة من الإقالات في مجالس إدارة وكالات الأنباء، دعت مراسلون بلا حدود في عام 2020 الوكالة الأمريكية للإعلام والمديرينسؤولين الجديد لعلى وسائل الإعلام إلى احترام استقلالية منابرهم.
السياق السياسي
بعد أربع سنوات من الازدراء المستمر للصحافة ووسائل الإعلام من قبل الرئيس ترامب، أعرب خليفته، جو بايدن، عن رغبته في رؤية أن تستعيد الولايات المتحدة تستعيد مكانتها باعتبارها نموذجاً يُحتذى به في حرية التعبير، وهي رغبة تُرجمت إلى استعادة المؤتمرات الصحفية بشكل منتظم في كل من البيت الأبيض والوكالة الفيدرالية. ورغم هذه الجهود، لا تزال السلطات تتجاهل العديد من المشاكل الجذرية والمتكررة التي تؤثر على عمل الصحفيين، مثل اختفاء الأخبار المحلية أو الاستقطاب الذي يخيم على المشهد الإعلامي أو ما تسببه المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي من تقويض للصحافة وإضعاف للديمقراطية.
الإطار القانوني
يدور نقاش واسع في الولايات المتحدة حول إصلاح الفقرة 230 من قانون الآداب والأخلاق في وسائل الإعلام، والذي يعفي شركات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت من المسؤولية عن المحتوى الذي تنشره فيهاعبرها أطراف ثالثة. هذا وتواصل الحكومة الأمريكية المطالبة بتسليمها جوليان أسانج قصد محاكمته بتهم تتعلق بنشر وثائق سرية مسربة في عام 2010، علماً أن مؤسس ويكيليكس لا يزال قيد الحبس الاحتياطي في المملكة المتحدة، مما ينعكس سلباً على سجل البلدين في حرية الصحافة.
السياق الاقتصادي
تؤثر القيود الاقتصادية بشكل كبير على الصحفيين العاملين في الولايات المتحدة، حيث تم إغلاق أكثر من 100 منبر إعلامي محلي منذ عام 2020 في حين يتواصل تراجع المشتركين في أكبر الصحف الوطنية. وبينماحيث تمكنت بعض وسائل الإعلام العامة، وعلى وجه الخصوص المحطات الإذاعية، من تعويض تراجعها إلى حد ما بفضل أنماط الاشتراك عبر الإنترنت، بينما اختارت أخرى التوجه القائم على نظام التبرعات الفردية.
السياق الاجتماعي والثقافي
تشير دراسات حديثة إلى أن الإعلام الأمريكي أصبح موضع شك وتوجس على نحو غير مسبوق. ذلك أن ظاهرة التضليل التي تثقل كاهل المجتمع الأمريكي خلقت مناخاً محموماً لم يعد فيه المواطنون يعرفون بأي جهة يثقون. كما أن المضايقات عبر الإنترنت، وخاصة ضد النساء والأقليات، باتت تطرح مشكلة حقيقية للصحفيين إلى درجة يمكن أن تؤثر على حياتهم وتهدد سلامتهم.
الأمن
وجد الصحفيون أنفسهم مضطرين إلى العمل في ظروف خطرة بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت المظاهرات تمر في جو من العداء والعدوانية على نحو غير مسبوق. فقد تعرض عدد من المراسلين إلى هجماتاعتداءات جسدية متعمدة، رغم أنهم كانوا يحملون ما يُظهر بوضوح أنهم صحفيون. هذا وأصبحت المضايقات والترهيب والاعتداءات تطال الفاعلين الإعلاميين في الميدان أكثر فأكثر.