إرفعوا الرقابة رأفةً بالسودان!
المنظمة
إن الرقابة عديمة الجدوى لأنها تبقى عاجزة أمام الواقع. فما الفائدة من إرسال عناصر من قوات الأمن إلى المطابع ومقرات المؤسسات الإعلامية؟ لا يسع المقص الرقابي أن يبدّل أي حرف من أي خبر يرغب في إخفائه. ولا يمكن تصحيح الأخطاء بمجرّد حجبها كما لا يمكن تسوية المشاكل بمجرّد طمسها. أما مراقبة الصحافيين، وتهديد رؤساء التحرير، وتعليق الصحف، فليست إلا تدابير حسبها أن تظهر من الحكومة وجهها القمعي، وأن تبرز نقاط ضعفها، وأن تخلق لها الأعداء
جان - فرانسوا جوليار وليونار فينسان، الأمين العام والمسؤول الإعلامي في مراسلون بلا حدود إن الرقابة عديمة الجدوى لأنها تبقى عاجزة أمام الواقع. فما الفائدة من إرسال عناصر من قوات الأمن إلى المطابع ومقرات المؤسسات الإعلامية؟ لا يسع المقص الرقابي أن يبدّل أي حرف من أي خبر يرغب في إخفائه. ولا يمكن تصحيح الأخطاء بمجرّد حجبها كما لا يمكن تسوية المشاكل بمجرّد طمسها. أما مراقبة الصحافيين، وتهديد رؤساء التحرير، وتعليق الصحف، فليست إلا تدابير حسبها أن تظهر من الحكومة وجهها القمعي، وأن تبرز نقاط ضعفها، وأن تخلق لها الأعداء. هذه هي الرسالة التي تأمل مراسلون بلا حدود توجيهها إلى السلطات السودانية. في خلال رحلتنا إلى الخرطوم والفاشر في آذار/مارس 2007، لاحظنا بإعجاب حيوية الصحافة في الخرطوم والآمال التي بعثها اتفاق السلام في العام 2005. وقد حرصنا في التقرير الذي أعددناه بعنوان تحقيق حول الناشطين المنسيين في الأزمة على التشديد على مدى نشاط وتنوّع المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية السودانية وتسليط الضوء على فضيحة صمت الإعلام الغربي عن هذا الواقع المهم في سودان اليوم. ولكن أحداث الساعة تكذّبنا. فقد بدأت المؤسسات الإعلامية الخاصة في الخرطوم تختنق، برزوحها تحت وطأة أجهزة أمنية مماحكة تقتحم مكاتبها ومطابعها. وتلي المداهمات والمصادرات، عمليات تعليق أو تدابير قسرية تتخذها أجهزة الدولة بسعيها الدائم إلى التسبب بتعثّر الصحف فارضة عليها العيش في الخوف وحارمة إياها من موارد ضرورية. إن الصحافيين أنفسهم لم يعودوا يتحمّلون الغلال التي تكبّلهم، فقد طفح كيلهم من التطفّل والحذر اللذين تفرضهما حكومتهم عليهم. وكأنهم مسؤولون عن المشاكل التي يعانيها السودان وينقلونها إلى السودانيين. وكأن معاقبتهم والتنكيل بهم كفيلان بتغيير وجه الحقيقة. فإن القرّاء وحدهم، وليس عناصرالأمن، مخوّلون بمحاكمة الصحف ومعاقبتها. يكفي ألا يشتروها. إن هذا السعي العبثي وراء الحقيقة الذي بات الخبز اليومي للمؤسسات الإعلامية في الخرطوم انطلق في السادس من شباط/فبراير 2008 إثر الإقدام سراً على إعادة فرض وسيلة بالية رحّب الجميع بإسقاطها في العام 2005. فمنذ العاشر من شباط/فبراير، باشر قوات جهاز الأمن أداء وظيفة القمع لاغية مقالة نشرت في الصحافة. وفي الأيام التالية، عمدت إلى حظر صدور صحيفة رأي الشعب، وإخضاع رئيسي تحرير الأحداث والوطن لاستجواب مطوّل، وإجبار المسؤولين في كل من الميدان، و السودانى والوفاق، والرأي العام، على إلغاء أحد المقالات ليلاً... ولم تتوقف لازمة الأحداث منذ ذلك الحين. وفي الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، قررت أسر تحرير أجراس الحرية، والميدان، ورأي الشعب، التعبئة طمعاً في حكمة مسؤولي البلاد لا سيما أن أحد صحافيي الإنتباهة قد تعرّض للتوقيف قبل أيام قليلة بسبب مقال لم يرق اللسلطات. في ظل هذه التطوّرات، لا يسعنا إلا التساؤل ما إذا كان السودانيون أقل قلقاً وما إذا كان السودان قد أفلت من قبضة الأزمة. بالطبع لا. فلا فائدة من الرقابة، ذلك أن الخبر، الصحيح، سيبقى خبراً يتم التداول فيه على رغم أنف الصحف. لذا، تناشد مراسلون بلا حدود السلطات السودانية برفع هذه التدابير العبثية والمخالفة للدستور التي تجنّد الموظفين سدى، وتعاقب المواطنين المثقفين والمسؤولين بلا جدوى، أكانوا صحافيين أم قراء. فإن الرقابة تخدم من ينمو على دمال الشائعات والآمال المزيّفة بالحرية أكثر مما تخدم السودانيين المسؤولين والفخورين بالانتقاد والتعرّض للانتقاد والقادرين على مواجهة الواقع بوعي وإدراك. وها أن الأوان قد حان لإقصاء الرقابة العديمة الجدوى والعبثية والخطرة إلى أسحق أيام الماضي العقيمة.
جان - فرانسوا جوليار وليونار فينسان، الأمين العام والمسؤول الإعلامي في مراسلون بلا حدود إن الرقابة عديمة الجدوى لأنها تبقى عاجزة أمام الواقع. فما الفائدة من إرسال عناصر من قوات الأمن إلى المطابع ومقرات المؤسسات الإعلامية؟ لا يسع المقص الرقابي أن يبدّل أي حرف من أي خبر يرغب في إخفائه. ولا يمكن تصحيح الأخطاء بمجرّد حجبها كما لا يمكن تسوية المشاكل بمجرّد طمسها. أما مراقبة الصحافيين، وتهديد رؤساء التحرير، وتعليق الصحف، فليست إلا تدابير حسبها أن تظهر من الحكومة وجهها القمعي، وأن تبرز نقاط ضعفها، وأن تخلق لها الأعداء. هذه هي الرسالة التي تأمل مراسلون بلا حدود توجيهها إلى السلطات السودانية. في خلال رحلتنا إلى الخرطوم والفاشر في آذار/مارس 2007، لاحظنا بإعجاب حيوية الصحافة في الخرطوم والآمال التي بعثها اتفاق السلام في العام 2005. وقد حرصنا في التقرير الذي أعددناه بعنوان تحقيق حول الناشطين المنسيين في الأزمة على التشديد على مدى نشاط وتنوّع المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية السودانية وتسليط الضوء على فضيحة صمت الإعلام الغربي عن هذا الواقع المهم في سودان اليوم. ولكن أحداث الساعة تكذّبنا. فقد بدأت المؤسسات الإعلامية الخاصة في الخرطوم تختنق، برزوحها تحت وطأة أجهزة أمنية مماحكة تقتحم مكاتبها ومطابعها. وتلي المداهمات والمصادرات، عمليات تعليق أو تدابير قسرية تتخذها أجهزة الدولة بسعيها الدائم إلى التسبب بتعثّر الصحف فارضة عليها العيش في الخوف وحارمة إياها من موارد ضرورية. إن الصحافيين أنفسهم لم يعودوا يتحمّلون الغلال التي تكبّلهم، فقد طفح كيلهم من التطفّل والحذر اللذين تفرضهما حكومتهم عليهم. وكأنهم مسؤولون عن المشاكل التي يعانيها السودان وينقلونها إلى السودانيين. وكأن معاقبتهم والتنكيل بهم كفيلان بتغيير وجه الحقيقة. فإن القرّاء وحدهم، وليس عناصرالأمن، مخوّلون بمحاكمة الصحف ومعاقبتها. يكفي ألا يشتروها. إن هذا السعي العبثي وراء الحقيقة الذي بات الخبز اليومي للمؤسسات الإعلامية في الخرطوم انطلق في السادس من شباط/فبراير 2008 إثر الإقدام سراً على إعادة فرض وسيلة بالية رحّب الجميع بإسقاطها في العام 2005. فمنذ العاشر من شباط/فبراير، باشر قوات جهاز الأمن أداء وظيفة القمع لاغية مقالة نشرت في الصحافة. وفي الأيام التالية، عمدت إلى حظر صدور صحيفة رأي الشعب، وإخضاع رئيسي تحرير الأحداث والوطن لاستجواب مطوّل، وإجبار المسؤولين في كل من الميدان، و السودانى والوفاق، والرأي العام، على إلغاء أحد المقالات ليلاً... ولم تتوقف لازمة الأحداث منذ ذلك الحين. وفي الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، قررت أسر تحرير أجراس الحرية، والميدان، ورأي الشعب، التعبئة طمعاً في حكمة مسؤولي البلاد لا سيما أن أحد صحافيي الإنتباهة قد تعرّض للتوقيف قبل أيام قليلة بسبب مقال لم يرق اللسلطات. في ظل هذه التطوّرات، لا يسعنا إلا التساؤل ما إذا كان السودانيون أقل قلقاً وما إذا كان السودان قد أفلت من قبضة الأزمة. بالطبع لا. فلا فائدة من الرقابة، ذلك أن الخبر، الصحيح، سيبقى خبراً يتم التداول فيه على رغم أنف الصحف. لذا، تناشد مراسلون بلا حدود السلطات السودانية برفع هذه التدابير العبثية والمخالفة للدستور التي تجنّد الموظفين سدى، وتعاقب المواطنين المثقفين والمسؤولين بلا جدوى، أكانوا صحافيين أم قراء. فإن الرقابة تخدم من ينمو على دمال الشائعات والآمال المزيّفة بالحرية أكثر مما تخدم السودانيين المسؤولين والفخورين بالانتقاد والتعرّض للانتقاد والقادرين على مواجهة الواقع بوعي وإدراك. وها أن الأوان قد حان لإقصاء الرقابة العديمة الجدوى والعبثية والخطرة إلى أسحق أيام الماضي العقيمة.
Publié le
Updated on
18.12.2017