2024 التصنيف
159/ 180
٣١٫٢٨ :مجموع
مؤشر سياسي
159
21.58
مؤشر اقتصادي
157
31.67
مؤشر تشريعي
143
40.87
مؤشر اجتماعي
156
33.33
مؤشر أمني
162
28.97
2023 التصنيف
161/ 180
٣٦٫٦٢ :مجموع
مؤشر سياسي
169
33.65
مؤشر اقتصادي
155
34.15
مؤشر تشريعي
144
42.92
مؤشر اجتماعي
143
45.27
مؤشر أمني
172
27.12

بين أعمال العنف ضد الصحفيين وتمركز وسائل الإعلام والانحياز السياسي، تعيش حرية الصحافة أزمة حقيقية في "أكبر ديمقراطية في العالم". فمنذ 2014، تقع رئاسة الوزراء في يد ناريندرا مودي، رمز حزب بهاراتيا جاناتاالذي يجسد اليمين القومي الهندوسي.

المشهد الإعلامي

تتسم الهند بمشهد إعلامي شاسع للغاية بما يعكس شساعة هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 1.4 مليار نسمة، حيث تمتلك 197 مليون أسرة جهاز التلفاز، علماً أن الحقل السمعي البصري يزخر بما يقرب من 900 قناة تلفزيونية خاصة، نصفها مخصص للأخبار، علماً أن محتوى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون متاح بما لا يقل عن 23 لغة، حيث تصل برامجها إلى ملايين المشاهدين. كما يوجد في البلاد أكثر من 140 ألف منشور بأكثر من 20 لغة، بما في ذلك حوالي 20 ألف صحيفة يومية، إذ يفوق إجمالي الأعداد الموزعة يومياً 390 مليون نسخة. بيد أن الشباب يفضلون المحتوى الصحفي المتاح عبر الإنترنت، وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تجاوزت وسائل الإعلام المطبوعة باعتبارها مصدراً رئيسياً للمعلومات. وفي المقابل، لا تزال الأخبار الإذاعية حكراً على الدولة، حيث تملك الحكومة راديو  أُول إينديا (AIR).

السياق السياسي

تعيش الصحافة الهندية "حالة طوارئ غير رسمية" منذ وصول ناريندرا مودي إلى السلطة عام 2014 وتقارب حزبه، بهاراتيا جاناتا، بشكل مذهل مع كبريات العائلات المسيطرة على الحقل الإعلامي. ويتجلى المثال الأبرز على ذلك في مجموعة ريلاينس إندستريز، المملوكة للثري موكيش أمباني، الصديق الشخصي لرئيس الوزراء وصاحب أكثر من 70 وسيلة إعلامية يتابعها ما لا يقل عن 800 مليون هندي. وفي أواخر عام 2022، انتقلت ملكية قناة NDTV إلى رجل الأعمال الثري غوتام أداني، المعروف أيضاً بقربه من ناريندرا مودي، حيث كانت هذه الخطوة إيذاناً بنهاية التعددية في وسائل الإعلام الرئيسية بالبلاد. وقد شهدت السنوات الأخيرة ظاهرة إعلامية تحت اسم "غودي" (والتي تعني "دُمى" مودي)، وهي عبارة عن وسائل إعلام تمزج بين الشعبوية والدعاية المؤيدة لحزب بهاراتيا جاناتا. وبسبب الضغوط والتأثيرات، أصبح النموذج الهندي القديم للصحافة التعددية مهدداً بشكل كبير، علماً أن رئيس الوزراء يعتبر الصحافة مجرد "كيان وسيط" يلوث العلاقة المباشرة التي يسعى إلى نسجها مع مؤيديه. وفي هذا السياق، يتعرض الصحفيون الهنود الذين ينتقدون السلطة إلى حملات عنيفة تتخللها هجمات ومضايقات من قبل البهاكات، أتباع حزب بهاراتيا جاناتا.

الإطار القانوني

صحيح أن الدستور الهندي لا ينص على حرية الصحافة بهذا الاسم، لكنها مكفولة بموجب الحق في حرية التعبير. ومع ذلك، لم تتردد أي من الحكومات المتعاقبة في استخدام قوانين ترجع إلى حقبة الاستعمار لقمع وسائل الإعلام، مثل التشريعات المتعلقة بالفتنة والتشهير والأنشطة المناهضة للوطن، كما تلجأ إلى قوانين مكافحة الإرهاب بشكل متزايد للضغط على الصحفيين. كما استخدم حزب المؤتمر الوطني الهندي، وهو حزب المعارضة الرئيسي، وأحزاب إقليمية أخرى، بعض الأحكام القانونية لترهيب الصحفيين والانتقام منهم. هذا وقد أحال ناريندرا مودي إلى البرلمان العديد من مشاريع القوانين التي من شأنها أن تمنح الحكومة سلطة واسعة للسيطرة على وسائل الإعلام ومراقبة المعلومات وإسكات الأصوات الناقدة، ويتعلق الأمر بقانون الاتصالات لعام 2023، ومشروع قانون خدمات البث لعام 2023، وقانون حماية البيانات الشخصية الرقمية لعام 2023، على سبيل المثال لا الحصر.

السياق الاقتصادي

تُموَّل وسائل الإعلام الهندية أساساً من عائدات الإعلانات، علماً أن الحكومة هي مصدرها الرئيسي، إذ تم إنفاق مليارات الدولارات من الأموال العامة على الإعلانات في عهد ناريندرا مودي. وتمارس الحكومة المركزية وحكومات الولايات ضغوطاً قوية على وسائل الإعلام لفرض رقابة على محتواها من خلال هذا النوع من التمويل، الذي تتوقف عليه استمرارية العديد من وسائل الإعلام الصغيرة. فبينما شددت الحكومة قبضتها على وسائل الإعلام العامة والخاصة، أصبحت ملكية وسائل الإعلام متركزة إلى حد كبير في أيدي عدد صغير من الشركات الكبرى، التي عادة ما تكون مقربة من الحكومة.

السياق الاجتماعي والثقافي

بينما تشهد الأيديولوجية القومية الهندوسية صعوداً صاروخياً في المجتمع الهندي، تخصص معظم وسائل الإعلام التلفزيونية، وخاصة تلك الناطقة باللغة الهندية، جزءاً كبيراً من محتواها للمواضيع الدينية، إذ تدعو علناً في بعض الأحيان إلى كراهية المسلمين.

الأمن

بمعدل يصل إلى ثلاث إلى أربع حالات قتل في صفوف الصحفيين بسبب عملهم كل عام، تُعد الهند من أخطر البلدان في العالم على حياة الفاعلين الإعلاميين، علماً أن الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة يتعرضون بانتظام للمضايقات والترهيب والتهديدات عبر الإنترنت والاعتداءات الجسدية، كما تطالهم الملاحقات الجنائية والاعتقالات التعسفية. كما تطالهم مختلف أشكال العنف، سواء من الشرطة أو الناشطين السياسيين أو جماعات المافيا أو الساسة الفاسدين. وفي هذا السياق، يدعو أنصار هندوتفا، أيديولوجية اليمين الهندوسي المتطرف، إلى الإجهاز على الأصوات الناقدة التي يعتبرون أصحابها "خونة" و"أعداء الوطن"، حيث يطلقون حملات مُنسَّقة تحرض على الكراهية وتدعو إلى القتل عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستهدفةً الصحفيات بشكل خاص، علماً أن هذه الحملات غالباً ما تشمل نشر بياناتهن الشخصية على الإنترنت للعلن. هذا ولا يزال الوضع في كشمير مقلقاً للغاية، إذ غالباً ما يتعرض المراسلون العاملون هناك لشتى أشكال المضايقات سواء من الشرطة أو من القوات شبه العسكرية، علماً أن البعض منهم يقبعون في السجون منذ عدة سنوات، تحت مظلة ما يُسمى بالاحتجاز "المؤقت".