هل سيصبح تصوير الجيش الإسرائيلي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات؟

شرع البرلمان الإسرائيلي في دراسة تعديل قانوني يهدف إلى تجريم تصوير أو تسجيل أو بث مواد حول الجنود الإسرائيليين أثناء الخدمة. وفي هذا الصدد، تدين منظمة مراسلون بلا حدود ما تعتبره نصاً تشريعياً مخالفاً للحق في الإعلام، داعية الكنيست إلى رفض هذا التعديل.

هل سيصبح تصوير أو تسجيل جنود إسرائيليين أثناء الخدمة، أو بث تلك الصور أو التسجيلات الصوتية على مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، فعلاً مخالفاً للقانون، بعد أن شرع الكنيست يوم الأربعاء، 20 يونيو/حزيران، في دراسة مشروع تعديل ينص على الحكم بالسجن لمدة 5 سنوات على كل من قام عن قصد بالتقاط صور أو تسجيلات "بنية تقويض الروح المعنوية لدولة إسرائيل ومواطنيها". كما أن العقوبة قد تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات إذا ثبتت "نية الإضرار بأمن الدولة".

 

وفي هذا الصدد، تتساءل مراسلون بلا حدود "على أي أساس سيتم تحديد مدى "نية" الشخص الذي يأخذ الصور في تقويض الروح المعنوية لدولة إسرائيل أو أمنها؟ ففي بلد حيث يَتهم جزء كبير من الطبقة السياسية وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية بـ"الخيانة" وعدم التحلي بالروح الوطنية، ألن تَحُول مثل هذه المادة دون نشر صور من هذا القبيل بذريعة أنها قد لا تحظى بما يكفي من الإعجاب؟ كما تحث مراسلون بلا حدود النواب على عدم اعتماد تعديل من شأنه أن يجبر الصحفيين على الاكتفاء بما يقدمه الجيش الإسرائيلي من محتويات وصور دعائية، خشية الزج بهم في السجن".

 

يُذكر أن حزب يسرائيل بيتنو اليميني المتطرف هو الذي اقترح هذا التعديل قبل عدة أشهر، حيث يهدف من خلاله إلى إعادة النظر في المادة 2 من قانون العقوبات والتي تتعلق بمسألة "الخيانة"، مُركزاً بالأساس على الفقرة 103 التي تتطرق إلى "الدعاية الانهزامية". وفي هذا الصدد، قال ممثل الحكومة الإسرائيلية، تساحي هنغبي،  يوم الأربعاء 20 يونيو/حزيران، إن هذا التعديل قد يشكل عقبة أمام حرية التعبير، داعياً إلى عدم تطبيق أحكام هذه المادة إلا في حالة "عرقلة عمل جندي أثناء الخدمة"، على أن تقتصر العقوبة على 3 سنوات  لا أكثر.

 

ويبرر دعاة التعديل اقتراحهم بوجود مجموعات "مدعومة من قبل جمعيات أو منظمات أو حكومات معادية لإسرائيل"، حيث "يقضون وقتهم في تصوير الجنود واستفزازهم" محاولين دفعهم إلى ارتكاب "أفعال يمكن تسجيلها بطريقة متحيزة ومن ثم استخدامها لتشويه سمعتهم". كما يشير المطالبون بالتعديل إلى بعض المنظمات بعينها، وعلى رأسها بتسيلم وMachsomWatch و Breaking The Silence، فيما يُشار إلى البعض الآخر تحت اسم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

 

في عام 2016، ساعدت صور التقطها صحفي-مواطن من بتسيلم في إثبات أن الجندي إيلور عازريا قد قتل فلسطينيًا منزوع السلاح بعدما حاول هذا الأخير مهاجمته. وخلال حملة القمع الدامية على مسيرات غزة بالمنطقة الحدودية مع إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، والتي أودت بحياة 132 شخصًا على الأقل، أثارت مقاطع فيديو أخرى لجنود إسرائيليين موجة جديدة من الجدل في المجتمع الإسرائيلي.

فقد أظهر فيديو جندياً وهو يُطلق النار على فلسطيني، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي في تصريح له إن الجندي الذي أطلق النار تصرف بالشكل المناسب، موجهاً اللوم في المقابل إلى من قام بتصويره. وفي مقطع آخر، من تصوير جمعية "مقاطعة من الداخل"، ظهر نشطاء من هذه المنظمة الإسرائيلية اليسارية وهم ينهون الجنود عن التمادي في ما يقترفونه على الحدود مع قطاع غزة، حيث خاطبوهم بالقول: "هل يشعر آباؤكم وأمهاتكم بالسعادة عندما تعودون لمنازلكم بعد قتل مدنيين؟ أنتم وجيش الإرهاب الذي تشاركون فيه ارتكبتم للتو مجرة في حق 21 من المدنيين الأبرياء!"

 

بيد أن تقييد حرية التعبير لوسائل إعلام إسرائيلية تُعتبر معادية لمصالح الدولة أو تشكل تهديداً لأمن البلد ليست بالفكرة الجديدة. ففي سبتمبر/أيلول الماضي، وجه وزير الاتصالات الإسرائيلي انتقادات للتلفزيون الاجتماعي الإسرائيلي (Israel Social TV) موضحاً في تصريح له أن "حرية التعبير جيدة لمواطني إسرائيل الذين يقبلون القانون ويحترمونه ويهتمون بالأمن ومستقبل إسرائيل. ولكن عندما يتعلق الأمر بمنظمات تريد الإضرار بأمن إسرائيل ومستقبلها، فلا يمكننا أن نكون ساذجين ومغفلين، بل علينا أن نتصدى لها".

 

أما Breaking The Silence، وهي منظمة غير حكومية تسجل وتنشر شهادات لجنود سابقين، فإن المتحدث باسمها يواجه حالياً متابعات قضائية، علماً أن وزير العدل وصفه بـ"الكذاب الذي يشوه سمعة دولة إسرائيل في العالم بأسره".

 

هذا وأعرب الصحفيون وأعضاء المنظمات الذين يستهدفهم هذا التعديل عن عزمهم وتصميمهم على مواصلة النضال، حيث قالت منظمة بتسيلم "إذا كان الاحتلال مسألة تُحرج الحكومة، فما عليها إلا أن تعمل على وضع حد له. وعلى أي حال، ستكون هناك دائمًا صور لحياة الناس تحت الاحتلال". من جهته، كتب الصحفي والإعلامي الإسرائيلي جدعون ليفي على صحيفة هاآرتس اليومية في 17 يونيو/حزيران: "سنخالف هذا القانون بكل فخر. سنواصل عملنا التوثيقي وسنستمر في التصوير والكتابة"، مُعرباً في الوقت ذاته عن أمله في أن يواصل الشهود الفلسطينيون فعل الشيء ذاته، وإن كان الثمن الذي يدفعونه هم أكبر بكثير من ذلك الذي يدفعه نظراؤهم الإسرائيليين.

يُذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود ناشدت في مايو/أيار الماضي المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في إطلاق قناصة الجيش الإسرائيلي النار على نحو 20 صحفياً فلسطينياً في غزة أثناء مظاهرات مسيرة العودة.

هذا وتحتل إسرائيل المرتبة 87 في نسخة 2018 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.

 

 

Publié le
Updated on 02.07.2018