تعيش الصحافة المستقلة كابوساً حقيقياً منذ إعادة انتخاب الرئيس دانيال أورتيغا عام 2021 لولاية رابعة على التوالي. فقد أصبحت الإهانات والشتائم تطال وسائل الإعلام على نطاق واسع في البلاد، حيث يتعرض الصحفيون بشكل منتظم لحملات التحرش والاعتقالات التعسفية والتهديدات بالقتل، مما اضطر الكثير منهم إلى مغادرة البلاد.
المشهد الإعلامي
في نيكاراغوا، لا وجود لشيء اسمه وسائل إعلام مستقلة، حيث تشهد البلاد موجة قمع كبيرة يشنها نظام أورتيغا ضد المعارضة والمنظمات المدنية والصحفيين المستقلين. وفي هذا السياق، أصبح الإبلاغ عن انتهاكات الحكومة مقتصراً على المنابر الإلكترونية، التي يعيش معظم صحفييها في المنفى. أما وسائل الإعلام القليلة التي لا تزال تعمل من داخل البلاد، مثل راديو كوربوراسيون والبرنامج الإخباري التلفزيوني أكسيون 10، فإنها تتجنب انتقاد النظام خوفاً من الاضطهاد.
السياق السياسي
في عام 2021، اقتحمت الشرطة مقر صحيفة لا برينسا، دون أمر قضائي. ومنذ ذلك الحين، لا يزال المبنى محتلاً ولم تستطع هذه اليومية نشر نسختها الورقية بعد بينما حُكم على مديرها خوان لورينزو هولمان تشامورو ومديرها السابق – وهو النائب البرلماني السابق بيدرو خواكين تشامورو باريوس – بالسجن لمدة 18 و 20 شهراً على التوالي. وتأتي هذه الانتهاكات الي تطال لابرينسا في سياق موجة الاعتقالات التي طالت رؤساء تحرير وصحفيين من مختلف وسائل الإعلام، حيث تُوبعوا قضائياً بتهمة غسل الأموال أو الخيانة، دون تقديم أي دليل يثبت تلك التهم. وفي عام 2018، تعرضت مُعدات كونفيدنسيال و100% نوتيسياس للمصادرة. وفي فبراير/شباط، أطلق دانيال أورتيغا سراح الصحفيين الستة الذين صُنِّفوا في عداد خونة الوطن - من بين نحو 200 معتقل سياسي أحصتهم الصحافة المستقلة في مطلع عام 2023. أما أولئك الذين فروا إلى الولايات المتحدة فقد جُرِّدوا من جنسيتهم.
الإطار القانوني
على خلفية مظاهرات 2018، وضعت حكومة أورتيغا سلسلة من القوانين التي هاجمت من خلالها المعارضين والصحفيين المستقلين اعتباراً من عام 2021. وفي هذا الصدد، استُخدم قانون الجرائم الإلكترونية للحكم على الصحفي ميغيل ميندوزا ومواطنَين آخرَين على خلفية انتقاد الحكومة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو الذي حُوكم بتهمة نشر أخبار كاذبة، حيث صدر في حقه حكم بالسجن لمدة تسع سنوات، علماً أنه من بين الصحفيين الذين اختاروا المنفى بعد إطلاق سراحهم في فبراير/شباط 2023، حيث لجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
السياق الاقتصادي
لم يتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد منذ القمع الحكومي لمظاهرات أبريل/نيسان 2018، علماً أن دوامة القمع والتعسف تفاقمت في الآونة الأخيرة، مما ترتب عنه إبطاء في الاستثمارات، علماً أن اقتصاد البلاد يعتمد فقط على الصادرات، مثل الذهب واللحوم والبن، فضلاً عن التحويلات المالية. أما الاقتصاد الداخلي فإنه فقدَ ديناميته إلى درجة بات معها المواطنون يئنون تحت وطأة التضخم.
السياق الاجتماعي والثقافي
تواصل موجات الهجرة خطها التصاعدي، لدرجة أن النيكاراغويين الذين يصلون إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ينافسون في العدد أولئك القادمين من ما يسمى "المثلث الشمالي لأمريكا الوسطى". ذلك أن المناخ السائد في البلاد يمزج بين الخوف من القمع وفقدان الأمل في المستقبل، حيث يُعرب العديد من الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رغبتهم الشديدة في مغادرة نيكاراغوا.
الأمن
ممارسة الصحافة ليست نشاطاً آمناً في نيكاراغوا، حيث يعمل الصحفيون بأقصى درجات السرية ولا يوقعون على مقالاتهم خوفاً من العواقب. وغالباً ما تُصادَر الكاميرات، حيث باتت الربورتاجات الميدانية شبه منعدمة، علماً أن ما لا يقل عن أربعة من الصحفيين الذين فروا إلى الولايات المتحدة خوفاً من الاعتقال صُنِّفوا في عداد "خونة الوطن" وجُرِّدوا من جنسيتهم.